/م54
قال تعالى{ ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون} ذهب الأستاذ الإمام إلى أن المراد بالبعث هو كثرة النسل أي أنه بعد ما وقع فيهم الموت بالصاعقة وغيرهم وظن أن سينقرضون بارك الله في نسلهم ليعد الشعب بالبلاء السابق للقيام بحق الشكر على النعم التي تمتع بها الآباء الذين حل بهم العذاب بكفرهم لها .
والعبرة الاجتماعية في الآيات أن الخطاب في كل ما تقدم كان موجها إلى الذين كانوا في عصر التنزيل ، وأن كلامهم عن الأبناء والآباء واحد لم تختلف فيه الضمائر حتى كأن الذين قتلوا أنفسهم بالتوبة والذين صعقوا بعد ذلك هم المطالبون بالاعتبار وبالشكر ، وما جاء الخطاب بهذا الأسلوب إلا لبيان معنى وحدة الأمة واعتبار أن كل ما يبلوها الله به من الحسنات والسيئات وما يجازيها به من النعم والنقم إنما يكون لمعنى موجود فيها يصح أن يخاطب اللاحق منها بما كان للسابق كأنه وقع به ، ليعلم الناس أنه سنة الله تعالى في الاجتماع الإنساني أن تكون الأمم متكافلة يعتبر كل فرد منها سعادته بسعادة سائر الأفراد وشقاءه بشقائهم ، ويتوقى نزول العقوبة به إذا فشت الذنوب في الأمة وإن لم يواقعها هو{ واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} وهذا التكافل في الأمم هو المعراج الأعظم لرقيها لأنه يحمل الأمة التي تعرفه على التعاون على الخير والمقاومة للشر فتكون من المفلحين .