ادراؤهم في قتل نفس
المفسرون على أن هذه الآيات جزء من قصة البقرة إلا ما يتعلق بقسوة قلوبهم والحجارة وبعض خواصها ، فهم يقولون إن الأمر بذبح البقرة كان ليضربوه بها أي ليضربوا المقتول بها فيحيى ، فقوله تعالى:{ اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى} والضمير يعود إلى البقرة التي ذبحت:يضرب ببعضها فيحيا ويخبر عمن قتله ، ونحن لا نرد ذلك ولا نكذبه فأخبار بني إسرائيل فيها العجائب الكثيرة التي ساقها الله تعالى ليؤمنوا ويذعنوا ، ولكن لم يذعنوا قط مع توالي هذه الأمور الخارقة للعادة التي توالت وكثرت .
ولكن في العصر الحديث قرر المرحوم الأستاذ الكبير الشيخ عبد الوهاب النجار ، أنهما قصتان سيقتا لغرضين مختلفين:أما الأولى فهي قصة البقرة ، وهي قائمة بذاتها سيقت لبيان آثار العقائد المصرية في نفوس بني إسرائيل ولجاجتهم في الامتناع عن ذبح البقرة متأثرين بتقديس المصريين للبقرة . . والثانية سيقت لبيان أثر رؤية المقتول في نفس القاتل ، وتأثره بذلك ، وأنه يحمله على الاعتراف بالجريمة عندما يرى المقتول ويمس جسده ، وقد ذكر ذلك الرأي في كتابه قصص القرآن . قال تعالى:{ وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها} أي لم يعرف القاتل ودرء كل فريق القتل عن نفسه باتهام الآخر ، فالادراء أو التدارؤ ، أن يدفع كل فريق التهمة عن النفس ، ويتهم الآخر .
وكل منهم يعلم الواقع ، ولكن يقرر غيره ؛ ولذلك قال تعالى:{ والله مخرج ما كنتم تكتمون ( 72 )} أي من الحق ، ومؤدى ذلك أنهم عالمون فيما بينهم من القاتل ولكن يجهلون الأمر ، ولكن الله تعالى كاشف الأمر .