والحديث في الوقت الذي كان يطلب فيه نارا رآها يشير إلى ضوئها في ليلة قارة شديدة البرودة والظلام ، وكان في ظلام حالك:{ فقال لأهله امكثوا} ، أي اثبتوا في أماكنكم ،{ إني آنست نارا} ، أي رأيتها واستأنست بها في وحشة ذلك الظلام الحالك وذلك الليل البهيم{ لعلي آتيكم} في مكثكم وسعيي له{ بقبس} أي جذوة أو شعلة تصطلون بها من قركم وتشعلون بها مشعلا يضيء لكم ، ويكشف لكم الظلمة الحالكة{ أو أجد على النار هدى} هنا بمعنى "عند"، والمعنى أو أجد عند النار هدى أعلم معالم الطريق ، ونسير على هدى هذه النار ، وهناك من قال:إن الهدي هو الهداية ، لأن طالب الحق يكون في شاغل من أمره بطلب الهداية ، وخصوصا مثل الكليم الذي أثار على ظلم فرعون . ولقد ذكرت القصة في سورة القصص بتفصيل في ذلك ، فقد جاء في سورة القصص{ فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخير أو جذوة من النار لعلكم تصطلون 29} ( القصص ) ، وهذه مشاق تحملها موسى كليم الله تعالى ، وقد تربى منعما مرفها في بيت فرعون ، ولكنه آثر حياة الجد على حياة اللهو والترف فلم يُرِد أن يكون من المترفين فكان من النبيين .