وسار بأهله قيل:قاصدا بلاد مصر بعدما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين ، ومعه زوجته ، فأضل الطريق ، وكانت ليلة شاتية ، ونزل منزلا بين شعاب وجبال ، في برد وشتاء ، وسحاب وظلام وضباب ، وجعل يقدح بزند معه ليوري نارا ، كما جرت له العادة به ، فجعل لا يقدح شيئا ، ولا يخرج منه شرر ولا شيء . فبينا هو كذلك ، إذ آنس من جانب الطور نارا ، أي:ظهرت له نار من جانب الجبل الذي هناك عن يمينه ، فقال لأهله يبشرهم:( إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس ) أي:شهاب من نار . وفي الآية الأخرى:( أو جذوة من النار ) [ القصص:29] وهي الجمر الذي معه لهب ، ( لعلكم تصطلون ) [ القصص:29] دل على وجود البرد ، وقوله:( بقبس ) دل على وجود الظلام .
وقوله:( أو أجد على النار هدى ) أي:من يهديني الطريق ، دل على أنه قد تاه عن الطريق ، كما قال الثوري ، عن أبي سعد الأعور ، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله:( أو أجد على النار هدى ) قال:من يهديني إلى الطريق . وكانوا شاتين وضلوا الطريق ، فلما رأى النار قال:إن لم أجد أحدا يهديني إلى الطريق آتكم بنار توقدون بها .