ويبين سبحانه وتعالى أنهم في قبضة يده يعلم حالهم في حاضرهم وماضيهم فيقول سبحانه:
{ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون} .
ذكر الله تعالى أنهم في قبضته ، وهو عالم بكل أحوالهم{ يعلم ما بين أيديهم} ، وهذا يكنى به عن حاضرهم ، لأنه بين أيديهم يفعلونه ويدورون فيه تحت سلطان إرادته ، وعلى مقتضى علمه ، وجميع ما يفعلون وما يفكرون تحت عين الله وفي رقابته{ وما خلفهم} ويعلم سبحانه ما هو خلف أعمالهم ، أي ما يجيء في المستقبل ،ى فهو يعلم حالهم في حاضرهم وفي قابلهم الذي يخلف حاضرهم ، فهم في سلطان الله تعالى مع تقريبهم وتفضيلهم وتكريمهم . وليس ذلك شأن من يتخذه ولدا ، بل هو شأن من يكون من عباده .
{ ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} أي لا يشفعون لأحد إلا إذا كان مرتضى لله ، ورضي الله أن يشفع كما قال تعالى:{ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه 255} ( البقرة ) ، وكما قال تعالى:{ يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من إذن له الرحمن ورضي له قولا 109} ( طه ) ، فهم في شفاعتهم لا يسبق قولهم قول ربهم إنما قول الله تعالى هو السابق ، وهو الذي يأذن لهم بالقول شفاعة أو غيرها .
وقد ذكر سبحانه وتعالى وصفا ثالثا ، وهو حال دائمة مستمرة لهم فقال:{ وهم من خشية مشفقون} الخشية الخوف مع التعظيم والضراعة والاستسلام لله عز وجل ، فهم في شفاعتهم لا يسبق قولهم قول ربهم إنما قول الله تعالى هو السابق ، وهو الذي يأذن لهم بالقول شفاعة أو غيرها .
وقد ذكر سبحانه وتعالى وصفا ثالثا ، وهو حال دائمة مستمرة لهم فقال:{ وهم من خشيته مشفقون} الخشية الخوف مع التعظيم والضراعة والاستسلام لله عز وجل ، ولذا اختصت بالذين يعلمون عظمة الله تعالى وجلاله ، فقال تعالى:{ إنما يخشى الله من عباده العلماء 28} ( فاطر ) ، الذين علموا الله تعالى وعرفوه حق معرفته .
والإشفاق:الخوف مع توقع ما يخافونه ، فهو خوف مع عناية بما يجئ به الزمن ، وإن ذلك الإشفاق يكون من كمال العلم بالله واستشعار عظمته ، وامتلاء النفس بمهابته ، وذلك شأن من كانوا خاضعين ، وليس شأن من زعموهم آلهة مع الله مناظرين ، وإن هذه حال من قربوا من الله فهم أدرك لعظمته ، وأكثرهم علما بقدرته ، وحكمته وكماله .
وإن هذا التعبير الكريم يدل على دوام هذه الحال ، لأن الجملة حالية أولا ، ولأن الجملة اسمية تدل على الاستمرار ومؤكدة بالضمير ، والله سبحانه أعلم بحالهم ، فهم المقربون .
ولكنهم مع قربهم من الله تعالى ، وأنهم المكرمون ، لو انحرفوا عن الطريق لنالهم جزاء الضالين المضلين ، ولذا قال تعالى:
{ ومن يقل منهم إني إله من دونك فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين} .