{ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على هداكم وبشر المحسنين 37} .
نفى الله تعالى نفيا مؤكدا ، أن يصل إلى الله تعالى منها شيء ، لأنه واجد الوجود غير محتاج حتى يحتاج إلى لحم البدن ودماؤها ، فإنما يحتاج إلى ذلك من يكون فقيرا إليها ، ولا أن تكون مرضاته في لحومها ، ولا في دمائها ، فإذا كان قد أوجب عليكم نحرها ، والتقرب بذبحها ، فليس ذلك لأجل رضائه باللحم والدماء ،{ ولكن يناله التقوى منكم} ، أي يبلغ مبلغ رضاه وقبوله التقوى منكم ، فالله سبحانه لا يرضى بلحم يؤكل ولا تكون مرضاته في دم مهراق ، وإن كان ذلك ، وإنما يبلغ مرضاته وقبوله التقوى ، وهذه إشارة إلى أمرين:
الأمر الأول- أن الدم المهراق مطلوب في الحج تذكيرا بفداء إسماعيل .
والأمر الثاني- أن الله تعالى ما طلب شعيرة البدن إلا لأجل التقوى ، ولتكون مظهر هذه التقوى القلبية ، وشعار مناسك الحج .
{ كذلك سخرها لكم} ، أي كهذا التسخير من ذبح وأكل وتصدق{ سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم} ، واللام للعاقبة ، أي سخرها لتكون العاقبة أن تكبروا الله في الحج على هدايتكم إليه سبحانه وتعالى ، ولتقيموا شعائره ، ولتحسنوا أداء التكليفات التي كلفتموها ،{ وبشر المحسنين} ، أي أن المحسنين ينالون الخير العميم ، والفضل العظيم ، والهداية ، فبشرهم بالبشرى الطيبة ، والجزاء الحسن ، وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .