قوله تعالى:{لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين ( 37 )} .
شرع الله لعباده ذبح هذه الأنعام لينتفعوا بها منافع كثيرة فيذكروه ويشكروه على هدايته لهم وما خوّلهم إياه من خير ونعمة .والله جل وعلا لا يناله شيء من هذه الأضاحي أو الهدايا ،لا من دمائها ولا من لحومها ؛فهو سبحانه غني عن كل شيء ،وغني عن العالمين .
وقد كان المشركون في جاهليتهم إذا ذبحوا شيئا من النعم لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرابينهم فنضحوا عليها من دمائها فنزل قوله: ( لن ينال الله لحومها ولا دماءها ولكن يناله التقوى منكم ) أي يصله منكم تقوى قلوبكم وهو خشيتكم لله وإخلاصكم وطاعتكم له سبحانه فيجازيكم على ذلك خير الجزاء .
قوله: ( كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم ) أي سخر لكم هذه البدن لتعظموا ربكم وتخلصوا له الطاعة والعبادة مثلما هداكم لدينه وشرعه ( وبشر المحسنين ) أي بشر المؤمنين المذعنين للهب الخضوع والطاعة ،بحسن الجزاء .
على أن الأضحية واجبة على من ملك نصابا .وهو قول الحنفية والمالكية وزاد الإمام أبو حنيفة اشتراط الإقامة من أجل الوجوب .ودليل الوجوب ما أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعا:"من وجد سعة فلم يضح فلا يقربنّ مصلانا "وهي مستحبة عند الشافعية والحنبلية وليست واجبة .وذلك للخبر:"ليس في المال حق سوى الزكاة "والراجح القول بعدم الوجوب .ويعزز ذلك أن النبي ( ص ) ضحّى عن أمته فأسقط وجوب ذلك عنهم .وقيل: الأضحية سنة على الكفاية إذا قام بها واحد من أهل دار أو محلة أو بيت سقط وجوبها عن الباقين .
أما سن الأضحية: فقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم الإجزاء إلا بالمسنّة .وبذلك إنما يجزي الثني من الإبل والبقر والمعز ،أو الجذع{[3121]} من الضأن .أما الثني من الإبل: فهو الذي له خمس سنوات ودخل في السادسة .أما البقر فما له سنتان ودخل في الثالثة .وأما المعز فما له سنتان .وأما الجذع من الضأن فما له سنة .وقيل: ما له عشرة أشهر .وقيل: ثمانية أشهر .وقيل: ستة أشهر ،وهو أقل ما قيل في سنه{[3122]} .