الأنبياء بشر يأكلون ، والكفر بهم
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} النداء للرسل ، وهو نداء لبيان حقيقة الرسل ، وأنهم من البشر يأكلون الطعام ، وكان النداء لهم وقد مضوا إلى ربهم ، ولم يكن عند نزول الآية الكريمة إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر النداء في هذا للدلالة على أنهم كانوا يخاطبون بهذا الخطاب ، رسول منهم كان يخاطب بهذا الخطاب ، وتباح له طيبات الطعام ، والطيبات من الرزق ، ويؤمر به كالأمر بكل مباح ، والطيبات تتحقق طيبتها بأمور ؛ منها:أولهما ألا يكون خبيثا في ذاته كالميتة والدم ولحم الخنزير ، وأن يكون قد سمي عليه عند ذبحه ، وأن يكون قد كسب من حلال ، فيجتمع فيه الحل الذاتي والحل الديني ،{ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} وليس الأمر الذي يكون به متميزا عن سائر البشر إلا العمل الصالح بأن يكون خالصا له ، والعمل الصالح هو العمل الطيب الذي يكون خيرا محضا للناس لا يكون معه شر لا في ذاته ، ولا في نيته ، والعمل الصالح ما يكون فيه النفع لأكبر عدد ممكن ، وما تكون فيه سعادة عاجلة لأكثر الناس ، أو سعادة آجلة لعامتهم ، ويدخل في هذا دعوتهم إلى الهداية والرشاد ، والتبليغ عن أمر ربهم .
{ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} وقد وثق الله تعالى العمل الصالح عليهم ببيان إحاطة علمه تعالى به ، فقال:{ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} ، وقد أكد الله تعالى علمه بكل ما يعملون ليترقبوا جزاؤه الوفاق لأعمالهم ، وهم بشر يجزون بالخير على ما يقدمون كغيرهم من البشر .