أمر تعالى عباده المرسلين ، عليهم الصلاة والسلام أجمعين ، بالأكل من الحلال ، والقيام بالصالح من الأعمال ، فدل هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح ، فقام الأنبياء ، عليهم السلام ، بهذا أتم القيام . وجمعوا بين كل خير ، قولا وعملا ودلالة ونصحا ، فجزاهم الله عن العباد خيرا .
قال الحسن البصري في قوله:( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ) قال:أما والله ما أمروا بأصفركم ولا أحمركم ، ولا حلوكم ولا حامضكم ، ولكن قال:انتهوا إلى الحلال منه .
وقال سعيد بن جبير ، والضحاك:( كلوا من الطيبات ) يعني:الحلال .
وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي ميسرة بن شرحبيل:كان عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمه .
وفي الصحيح:"ما من نبي إلا رعى الغنم ". قالوا:وأنت يا رسول الله؟ قال:"نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ".
وفي الصحيح:أن داود ، عليه السلام ، كان يأكل من كسب يده .
وفي الصحيحين:"إن أحب الصيام إلى الله صيام داود ، وأحب القيام إلى الله قيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه وينام سدسه ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى ".
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب ، أن أم عبد الله ، أخت شداد بن أوس بعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم ، وذلك في أول النهار وشدة الحر ، فرد إليها رسولها:أنى كانت لك الشاة؟ فقالت:اشتريتها من مالي ، فشرب منه ، فلما كان الغد أتته أم عبد الله أخت شداد فقالت:يا رسول الله ، بعثت إليك بلبن مرثية لك من طول النهار وشدة الحر ، فرددت إلي الرسول فيه؟ . فقال لها:"بذلك أمرت الرسل ، ألا تأكل إلا طيبا ، ولا تعمل إلا صالحا ".
وقد ثبت في صحيح مسلم ، وجامع الترمذي ، ومسند الإمام أحمد واللفظ له من حديث فضيل بن مرزوق ، عن عدي بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس ، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال:( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) . وقال:( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) [ البقرة:172] . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، يمد يديه إلى السماء:يا رب ، يا رب ، فأنى يستجاب لذلك ".
وقال الترمذي:حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث فضيل بن مرزوق .