وإن الله سبحانه بفضله ورحمته لا يترك الناس تحت إغواء الشيطان ، ودنسه ، ولذا قال تعالى:{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 21 )} .
الزكاة تطلق بمعنى التنمية ، وتطلق بمعنى الطهارة ، وهنا بمعنى تزكية العقول في النفس ، وامتلائها طهرا ، وعفافا وإيمانا ، أي أنه لولا فضل الله تعالى بالموعظة والهداية وتربية النفوس بالتقوى ورحمته بهدايتكم وقبولكم للحق وتجنبكم مخاوف الشيطان ما طهر منكم من أحد أبدا ، وقد أكد سبحانه جواب الشرط وعمومه أولا ب "من"الدالة على استغراق النفي للآحاد والجماعة ، وأكد النفي أيضا بدخول ( من ) على ( أحد ) ، كما أكده بذكر ( أبدا ) ، وذلك لأن الشيطان يأتي النفوس من قبل أهوائها وشهواتها ، وشهوات النفس حلوة ، ولكنها وبيئة ، ولكن الله تعالى لا يترك عباده جميعا تحت غواية الشيطان الرجيم ، فهو يجتبي من عباده من يزكيه ويطهره في قلبه ولسانه ونفسه ، ولا يشاء الله تعالى لعبده تلك الطهارة إلا إذا سلك سبيلها ، واختار نجدها ، فيأخذه إلى ما اختار .
ثم ختم الله تعالى الآية بقوله تعالت كلماته:{ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، أي واسع الرحمة والفضل ، عليم بمن يستحقها ، فيتوجه إليه سبحانه وتعالى بأن يسلك به
طريق الهداية والطهارة .