{ ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن} هذا بيان أحوال ميراث الزوج ، فإنه يكون له النصف إن لم يكن للمتوفاة ولد ، والمراد من الولد أولاد الظهور أي الفروع الذين لا يتوسط بينهم وبين المتوفاة أنثى ، خلافا للشيعة ، وإن كان للمتوفاة ولد فإن الزوج يكون له الربع .
{ ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم} وهذا بيان ميراث الزوجة تأخذ الربع إذا لم يكن للمتوفى ولد ، وقد بينا معنى الولد ، وتأخذ الثمن إن كان للمتوفى ولد . ونرى من هذا أن الزوجة على النصف في التقدير من الزوج ، وهو قاعدة عامة في قسمة الميراث بالنسبة للرجل والمرأة ، ولم يستثن إلا الإخوة لأم .
{ وإن كان الرجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} هذا النص في ميراث الإخوة والأخوات لأم ، وقد عبر عنهم بالكلالة ، والكلالة هم القرابة من غير الأصول والفروع ، وقد قيل إن الملالة مشتقة من الإكليل ، وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه ، وقرابة الكلالة وهي غير الأصول والفروع تحيط بالشخص من جوانبه ، وليست في أصله ولا فرعه ، ومعنى{ يورث كلالة} أي يورث من غير أصوله أو فروعه ، والميراث بالكلالة ذكر في موضعين:أحدهما هذا الموضع ، والثاني قوله تعالى في آخر هذه السورة:{ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك . . .176}[ النساء] .
وقد اجمع الصحابة على ان المراد من الإخوة والأخوات هنا الإخوة لأم والأخوات لأم ، كما أجمعوا على ان المراد بالإخوة في آخر السورة الأشقاء ثم لأب . وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة في هذه الآية فذكر انها أولاد الأم ، وبهذا يتبين أن هذا النص الكريم فيه أحوال ميراث الإخوة والأخوات لأم ، وقد ذكر لهم حالين:إحداهما – أن يأخذ الواحد او الواحدة السدس ، والثانية ان يأخذ الأكثر من واحدة او واحد الثلث يشتركون فيه بالسوية بلا فرق بين الذكر والأنثى ؛ لأن الله تعالى يقول:{ فهم شركاء في الثلث} والشركة الأصل فيها التسوية حتى يذكر النص الدال على التفاوت ، ولم يوجد في النص ما يدل على التفاوت . وهناك حال فهمت من التعبير بالكلالة ، وهي ان هؤلاء لا يرثون إلا إذا لم يكن فروع ولا أصول .
هذا ، ومرتبة في التقسيم بعد سداد الديون ، وبعد تنفيذ الوصايا ، فالتركة لا تقسم إلا بعد سداد الديون ، ولا تميز أنصبة كل وارث إلا بعد تنفيذ الوصايا التي لا تتجاوز الثلث . فنصيب الورثة دائما لا يكون إلا في الباقي بعد الوصايا ، و لذا قال سبحانه في كل قسمة إنها بعد تنفيذ الوصية و الدين ،فقال بعد ميراث الأبوين والأولاد:{ من بعد وصية يوصي بها} ، وقال بعد ميراث الزوج:{ من بعد وصية يوصين بها} وقال بعد ميراث الزوجة:{ من بعد وصية توصون بها او دين} .
وهنا أمران تجب الإشارة إليهما:
أولهما:انه كرر في كل حال حق الدائنين والموصى لهم ، تبرئة لذمة المتوفى وتأكيدا لحقهم . وهو دليل على ان حق الدائنين والوصايا هو حق للميت نفسه ، فهو أولى من غيره . وقدم الوصايا في الذكر ، مع انها مؤخرة عن الدين في السداد ، وذلك للتشديد في تنفيذها ؛ لأنها مظنة الإهمال او مظنة الإخفاء ، فكان من الأسلوب الحكيم العناية بتنفيذها ، وكان من العناية تقديمها في الذكر .
الأمر الثاني:أنه ذكر عند ميراث أولاد الم التحريض على الأداء ، فقال تعالى:{ غير مضار وصية من الله} فكان التحريض مرتين ، مرة بمنع المضارة ، ومرة أخرى بتأكيد أن هذه وصية الله ، فمن خالفها فقد تمرد على وصية الله العليم الحليم الذي يعلم كل شيء وإن لم ينزل العقاب فور الجريمة . وكان ذلك في أولاد الأم ؛ لن حقوقهم مظنة الضياع والإهمال ، ولا يزال الناس إلى الآن يكادون يهملون نصيب أولاد الم ، وإذا ذكروا به ، كان ذلك بمنزلة التذكير بأمر غريب ، فكان التأكيد لهذا .