قوله تعالى:{وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ في الثُّلُثِ} .
المراد في هذه الآية بالإخوة الذين يأخذ المنفرد منهم السدس وعند التعدد يشتركون في الثلث ذكرهم وأنثاهم ،سواء أخوة الأم بدليل بيانه تعالى أن الإخوة من الأب أشقاء أو لا ،يرث الواحد منهم كل المال ،وعند اجتماعهم يرثون المال كله للذكر مثل حظ الأنثيين .
وقال في المنفرد منهم وهو يرثها إن لم يكن لها ولد ،وقال في جماعتهم: وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين .وقد أجمع العلماء على أن هؤلاء الإخوة من الأب ،كانوا أشقاء أو لأب .كما أجمعوا أن قوله:{وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} الآية .أنها في إخوة الأم ،وقرأ سعد بن أبي وقاص وله أخ أو أخت من أم .والتحقيق أن المراد بالكلالة عدم الأصول والفروع ،كما قال الناظم:
ويسألونك عن الكلاله *** هي انقطاع النسل لا محاله
لا والد يبقى ولا مولود *** فانقطع الأبناء والجدود
وهذا قول أبي بكر الصديقرضي اللَّه عنهوأكثر الصحابة وهو الحقّ إن شاء اللَّه تعالى .واعلم أن الكلالة تطلق على القرابة من غير جهة الولد والوالد ،وعلى الميّت الذي لم يخلف والدًا ولا ولدًا ،وعلى الوارث الذي ليس بوالد ولا ولد ،وعلى المال الموروث عمن ليس بوالد ولا ولد ؛إلا أنه استعمال غير شائع واختلف في اشتقاق الكلالة .
واختار كثير من العلماء أن أصلها من تكلله إذا أحاط به ومنه الإكليل لإحاطته بالرأس ،والكل لإحاطته بالعدد ؛لأن الورثة فيها محيطة بالميت من جوانبه لا من أصله ولا فرعه .
وقال بعض العلماء: أصلها من الكلال بمعنى الإعياء: لأن الكلالة أضعف من قرابة الآباء والأبناء .
وقال بعض العلماء: أصلها من الكل بمعنى الظهر وعليه فهي ما تركه الميّت وراء ظهره ،واختلف في إعراب قوله كلالة .فقال بعض العلماء: هي حال من نائب فاعل يورث على حذف مضاف ،أي: يورث في حال كونه ذا كلالة أي قرابة غير الآباء والأبناء ،واختاره الزجاج وهو الأظهر ،وقيل: هي مفعول له ،أي: يورث لأجل الكلالة أي القرابة ،وقيل: هي خبر كان ،ويورث صفة لرجل ،أي: كان رجل موروث ذا كلالة ليس بوالد ولا ولد ،وقيل غير ذلك ،واللَّه تعالى أعلم .