{ من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مُّقيتا}أصل الشفاعة والشفعة ونحوها ، من الشفع وهو الزوج في العدد ، ومنه الشفيع لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعا ، فالشفاعة إذن ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك ، للوصول إلى مصلحة ترغبانها ، فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفِّع ، وإيصال المنفعة إلى المشفوع له ، والشفاعة الحسنة هي ما تكون في البر والطاعة ، والشفاعة السيئة هي ما تكون في المعاصي ، فمن شفع شفاعة حسنة ليصلح بين اثنين استوجب الأجر ، ومن سعى في غير طاعة ، فقد أثم واستوجب العقاب .
يقول الزمخشري في"حقائق التنزيل":الشفاعة الحسنة هي التي روعي بها حق مسلم ، ودُفع بها عنه شر ، وابتُغى بها وجه الله ، ولم تؤخذ عليها رشوة ، وكانت في أمر جائز ، وليست في حد من حدود الله ولا في حق من الحقوق ، ولكل منها نصيب من الأجر ، بقدر ما فيه من طاعة أو معصية .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الشفاعة لقضاء الحوائج ، والتعاون على البر والتقوى ، إذ يقول عليه الصلاة والسلام:"اشفعوا فلتأجروا ، وليقض الله على لسان نبيه ما أحب"{[771]} .
{ وكان الله على كل شيء مقيتا} المقيت هو الحافظ المقتدر ، الذي يعطي كل إنسان قُوته وقوَّته ، فهو يجازي كل إنسان بقدر ما حفظ له من عمل ، وهو يُقيت الجائع ، ويعين من استعان به ، فالرزق الذي هو القوت من عنده والعافية التي هي القوة بسلطانه وبأمره وكل شيء عنده بمقدار .