{ ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها}
/م88
هذا صنف أخير يتجه إلى أن يأمن قومه ، فلا يقاتلهم ، ويأمن المؤمنين حتى لا يقتلوه ، ولكنه لا يمدّ يد الأمان ، ولا يسلم القياد ، وهؤلاء إذا دعوا إلى القتال ، ولم يعترضوا منفردين لأذى المؤمنين ، استجابوا للقتال في صفوف المشركين ، فهم يظهرون الأمان ، أو يظهرون الإسلام ، ليأمنوا جانب المؤمنين ، فإن لاحت لهم فرصة الانضمام لأعداء الله قاتلوا معهم ، وهذا مرمى قوله تعالى:{ كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} ، أي كلما ردوا إلى قومهم مفتونين بعصبيتهم وكفرهم ، قلبت نفوسهم أقبح قلب ، فأركسوا في فتنة الكفر والعصبية ، وهؤلاء أوجب الإسلام قتالهم إذا لم يعتزلوا أقوامهم ويكفوا أيديهم عن قتال المسلمين ، ولذا قال سبحانه:
{ فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأُولاَئِكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا}, أي إن لم يعتزلوا قتالكم ، ويمتنعوا عن حربكم ، ويلقوا إليكم بالأمان مع تسليم أنفسهم منقادين ، ويكفوا أيديهم عن القتال ، فقد حل دمهم وزالت عصمتهم ، فخذوهم بالنواصي أسرى ، واقتلوهم حيث وجدتموهم ؛ فمعنى{ ثقفتموهم} وجدتموهم . وعبر عن الامتناع عن القتال بقوله{ ويكفوا أيديهم} ، لأن اليد هي الأداة الأولى للقتال ، وإن الله بهذا قد جعل للمسلمين سلطانا أي سيطرة تمكنهم من قتالهم ، وهذا معنى قوله:{ وأولائكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا} أي أولئك بأوصافهم من الغدر ، وقتالهم للمؤمنين وفتنتهم ، جعل الله لكم عليهم سلطانا مسوّغا لقتالهم ، واضحا بينا لا شك فيه فقاتلوهم من غير استرابة ولا شك ولا تلكؤ . اللهم أعز الإسلام وانصرنا على القوم الكافرين .