وقوله:( ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم [ كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها] ) الآية ، هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم ، ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك ، فإن هؤلاء منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ; ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهم وذراريهم ويصانعون الكفار في الباطن ، فيعبدون معهم ما يعبدون ، ليأمنوا بذلك عندهم ، وهم في الباطن مع أولئك ، كما قال تعالى:( وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم [ إنما نحن مستهزئون] ) [ البقرة:14] وقال هاهنا:( كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ) أي:انهمكوا فيها .
وقال السدي:الفتنة هاهنا:الشرك . وحكى ابن جرير ، عن مجاهد:أنها نزلت في قوم من أهل مكة ، كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان ، يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا ، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ; ولهذا قال تعالى:( فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم ) أي:عن القتال ( فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) أي:أين لقيتموهم ( وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ) أي:بينا واضحا .