{ يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا و تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب( 2 )} .
في الآية السابقة أشار سبحانه وتعالى إلى ما أحل من طيبات ، وأشار إلى مكان البيت الحرام وحرمته ، وأنه لا يحل صيده والإحرام قائم ، وأن الله تعالى يحكم بما يريد وهذا حكمه وأمره ، وما على المؤمن إلا الطاعة فيما أمر به ، وفي هذه الآية يبين سبحانه وتعالى ما يجب وقد بين الحرمات التي تجب صيانتها ومن تتعلق بهم ، وقد ذكر أمورا لا يصح إحلالها وهي شعائر الله تعالى والشهر الحرام والهدي والقلائد والذين يقصدون البيت . وقد ابتدأ بأولها ، فقال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام . . .} . النداء لأهل الإيمان الصادقين في إيمانهم الذين يعملون بما يأمر ، وينتهون عما ينهى ، وتصدير الكلام بهذا النداء لبيان ما كان محرما في الحج وما يدعو الإسلام إلى الاستجابة إليه من مقتضيات والإحلال معناه أن يخالف أمر الله تعالى فما يكون حراما منهيا عنه في الحج يفعله ويستحله ، وما يكون مأمورا به لا يستجيب له وشعائر الله تعالى في هذا المقام المراد بها مناسك الحج ، وما حرمه فيه من ثياب في أثناء الإحرام وما أمره به من أمور فيه من السعي بين الصفا والمروة والطواف بالبيت الحرام ، والوقوف بعرفة ورمي الجمار وسائر الأفعال ، فإن هذه كلها شعائر لله تعالى ، كما قال تعالى:{ ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ( 32 )}( الحج ) . وكما قال تعالى في بعض هذه المناسك:{ إن الصفا والمروة من شعائر الله . . .( 158 )}( البقرة ) .
وسميت أعمال الحج شعائر ، وهي جمع شعيرة كما سميت مشاعر جمع مشعر وهي أمور معلمة محسوسة مرئية ، تدل على اتجاه القلوب إليه سبحانه وتعالى ، فكان الإحرام مقترنا بمظهر حسي وهو ألا يلبس مخيطا ، وأن يجهر بالتلبية وكان الطواف وهو عمل حسي يدل على الاتجاه إلى ضيافة الرحمن ، والإقامة بجوار بيته العتيق أول بيت وضع وفي ذلك اتصال دائم بين الرسالة الإلهية إذ إن الذي بناه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام فكان الطواف به رمز الوحدة في الرسالة الإلهية ، وأن آخرها متصل بأولها ، وأنها سلسلة متصلة الحلقات تتم كل واحدة جزءا حتى أوفت على الغاية برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
وكذلك السعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة في المشهد الإسلامي الأكبر ، ورمي الجمار كما فعل إبراهيم عليه السلام من قبل ، وذلك مظهر للتطهر التام والخروج من وسوسة الشيطان ورميه والإعراض عنه .
والأمر الثاني الذي لا يحل ونهي المسلمون عن إحلاله ، وهو الشهر الحرام ، والمراد النهي عن القتال فيه والشهر مفرد أريد به الجمع وذلك أنه أشهر أربعة كما قال تعالى في سورة براءة:
{ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين( 36 )}( التوبة ) .
وهذه الأشهر لا يحل القتال فيها ، فلا يبدأ المسلمون القتال فيها ، ولكن يدافعون إن اعتدي عليهم فيها ، ولهم أن يطلبوا الهدنة إن جاءت في أثناء القتال فيها ، فإن كان الذين يقاتلونهم لا يؤمنون بها استمر القتال ، إذ لا مناص منه ، وقد ادعى كثيرون أن منع القتال في هذه الأشهر نسخ ، ولا نجد دليلا يدل على النسخ ، بل الأدلة تدل على دوام التحرير بل الأدلة متضافرة على استمرار تحريمها لأن ذلك جاء في سورة المائدة وهي من أواخر القرآن نزولا ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر التحريم في خطبة الوداع ولعل الذين ادعوا النسخ أخذوه من الحروب الإسلامية والواقع أن المسلمين كانوا مضطرين للاستمرار .
والأشهر الحرم هي:ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الذي بين جمادى وشعبان والأشهر الثلاثة الأولى فيها الحج والذهاب إليه والعودة منه ، ورجب فيه العمرة والتحريم ليكون الطريق آمنا في مدة الحج .
{ ولا الهدي ولا القلائد} الهدي جمع هدية وهو ما يهدى ويراد به هنا ما يهدى إلى البيت الحرام ليذبح في الحج ، وإحلاله المنهي عنه ذبحه في غير موضع الحج ، كما قال تعالى:
{. . .ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله . . .( 196 )}( البقرة ) كما أن من إحلاله اغتصابه أو منعه من أن يصل إلى البيت الحرام ، والقلائد جمع قلادة ، وهي ما تقلد به الهدي ومن الفقهاء من خصها بالبدن( الإبل والبقر ) فلا يقلد سواها ، والنهي عن إحلال القلائد قد اختلف المفسرون في معناه وأحسن ما قيل هو ما قرره الزمخشري وهو:أن النهي عن إحلال القلائد هو النهي عن إحلال الهدي الذي حمل القلادة ، وكان ذكرها بعد ذكر الهدي عامة من قبيل ذكر الخاص بعد العام ، وكان المعنى لا تحلوا الهدي ، ولا تحلوا القلائد بشكل خاص ، وذلك لأن إحلال الهدي الذي أشعر وأعلم بالقلادة يكون أشد نهيا إذ إنه اعتداء على ما أعلن بالحس أنه خصص للبيت الحرام ، ولم يكتف بالنية وحدها فما خصص بالنية قد يخفى وما خصص بالحس لا يخفى وذكر الزمخشري وجها آخر وهو أن النهي عن إحلال ذات القلائد وإذا كانت القلائد لا يحل الاعتداء عليها فالأولى بذلك الحيوان الذي يحمل شعارها ومهما يكن من التخريجين فالنهي ثابت عن إحلال الهدي وشعاره .
وإن سوق الهدي وذبحه من مناسك الحج وفيه توسعة على سكان البيت الحرام ، وإجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام:{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون( 37 )}( إبراهيم ) .
ولكن هل يغني عن الهدي وذبحه في منى ما يقوم به من نقود ؟ لقد أجمع الفقهاء على أنه لا تغني قيمته عنه ، ما دام يستطيع الرجل أن يهدي وقد جعل الله تعالى الصيام بدل الهدي لمن لا يجد ، فقال تعالى:
{. . .فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة . . .( 196 )}( البقرة ) .
ولقد ثارت مناقشات حول استبدال الذبح بقيمة الهدي لأن الناس لا يأكلون كل ما يذبح فيتلف ، ووراء ذلك فشو الأوبئة ونحوها ، وهذا فوق ما تنشره الدماء من أدواء .
ونقول في الجواب عن ذلك:إن هذا من ضيق عقل الإنسان ، لا من شريعة الديان ، والقرآن أمر بالذبح ولم يقل أحد من الصحابة أو من جاء بعدهم:إن قيمة الهدي تغني عنه ، وكان يجب أن يفكر المفكرون في الانتفاع باللحم والدم من غير أن يتعرضا للفساد والإفساد ، وذلك بادخار اللحم ، بالتثليج أو نحوه ليمد سكان الحرم الشريف باللحم أكثر العام ، لا في موسم الحج وحده ، وأن تقام المدابغ لدبغ الجلود فتكون مصدر ثروة ، والدم يصنع منه أحسن الأواني والنار تطهره ولكن العقول تتسع في كل شؤون الحياة فإذا جاءت إلى أوامر الإسلام ضاقت وذلك من ضعف الإيمان .
{ ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا} المراد الذين يقصدون البيت الحرام لأداء الحج ، وقد قال بعض العلماء:إن هؤلاء الذين ينهى عن إحلالهم ( بمعنى منعهم ) هم من كانوا من المشركين يقصدون البيت الحرام يبتغون التجارة ورضا الله تعالى بزعمهم وقد نسخ هذا بقوله تعالى بعد ذلك:{. . .إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا . . .( 28 )}( التوبة ) .
ولكن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"المائدة من آخر القرآن نزولا ، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها"وقال الحسن البصري:ليس فيها منسوخ . وعلى ذلك نقول:إن آمين البيت ( أي القاصدين له حجا ) هم المؤمنين ، ومعنى إحلال هؤلاء منعهم من الحج لحرب أو نزاع أو بغي بل يجب أن يكون مفتوحا للجميع ، وإذا كان الله تعالى قد جعله آمنا فقد فتحه لكل المؤمنين يقصدونه ، وليس لأحد أن يمنعهم فلا يحل لأحد أن يمنع أو يصعب على الناس دخول البيت الحرام .
وقد بين سبحانه مقصد هؤلاء الذين يؤمون البيت وهو أنهم يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا ، وفسر بعض العلماء الفضل بأنه التجارة أي أنهم يبتغون من رضوان الله تعالى غرضا من أغراض الدنيا ، وهو التجارة وقد يكون في التجارة جلب أرزاق لسكان الحرم ، فالتجارة غير ممنوعة ولكن القصد الأسمى هو رضوان الله تبارك وتعالى ، فهو العبادة التي يكون لها القصد الأول في البيت .
وفسر آخرون الفضل بالثواب ، فالذين يقصدون البيت حاجين أو معتمرين يطلبون الثواب من الله تعالى ، وهو النعيم المقيم ويطلبون ما هو أكبر منه وهو رضوان الله تعالى ، كما قال تعالى:{ يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم ( 21 )}( التوبة ) .
وهذا هو الذي نختاره فإن المقام مقام طلب الثواب لا مقام طلب المال ، ولكل مقام ما يناسبه .
وإن الآية تومئ إلى مناسك الحج والقيام بها ، وقد ذكرت الآية السابقة أنه لا يحل الصيد مع الإحرام وهذه الآية بينت ما يجب على المؤمن من القيام بشعائر الحج وفتح أبواب مكة لمن يريدها من المؤمنين وذكرت الآية الكريمة متى يباح الصيد فقال سبحانه:{ وإذا حللتم فاصطادوا} .
معنى الإحلال الخروج من الإحرام بالحج أو العمرة أو هما معا بأن يلبس الملابس كاملة ، ويقص شعره وأظافره وغير ذلك مما كان يحرمه عليه الذي هو فيه من الحج ، مع لبس لباسه ، والقيام بمظاهر النسك والاتجاه إلى الله تعالى والشعور بأنه في ضيافته عند بيته الحرام .
وإذا تحلل ذلك التحلل أبيح له ما حرمه الإحرام عليه ، ومن ذلك الصيد ، والأمر بالإحلال هنا ليس للطلب فليس الصيد بمطلوب ولكنه مباح وقد جاءت صيغة الأمر بعد النهي فكانت للإباحة وهي كذلك في كل صيغة "افعل"بعد النهي غالبا ، مثل قوله تعالى:{ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله . . . ( 10 )}( الجمعة ) .
وذلك بعد أن نهى عن البيع عند النداء للصلاة من يوم الجمعة في قوله تعالت كلماته:{ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 9 )}( الجمعة ) .
وقد روي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، ألا فزوروها".{[861]}
والخلاصة أن هذا النص الكريم فيه إباحة الصيد بعد الخروج من الإحرام بعد أن كان محرما في أثناء الإحرام .
ولقد ساد الإسلام أرض العرب بعد أن كانت حجة الوداع ولكن بقيت بعض الإحن في النفوس ونفس المؤمن يجب أن تكون طهورا لا يعيش فيها الحقد ، ولا حب الانتقام ولذا نهى الله تعالى عباده المؤمنين عن أن يدفعهم البغض السابق لقوم لأنهم صدوهم عن المسجد الحرام ، أن يمنعوهم كما منعوهم فإن ذلك يكون اعتداء من أهل الإيمان ولذا قال سبحانه:
{ ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا} يجرمنكم معناها يحملنكم لأن "جرم"في هذا المقام وما يشبهه معناها حمل حملا قاطعا يقال جرمني كذا على بغضه ، أي حملني عليه حملا قاطعا ومن ذلك قول الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
أي حملت فزارة على أن تغضب .
والشنآن:البغض الشديد يقال شنئت الرجل أشنأ شنآنا وشنأ أبغضه ، والمعنى لا يحملنكم البغض الشديد لقوم بسبب أنهم صدوكم ، أي منعوكم من دخول المسجد الحرام أن تعتدوا عليهم بأن تصدوهم فالجاهلية والشرك يبرران ذلك الصد والإسلام لا يبرره لأنه اعتداء على البيت الحرام ، واعتداء على شعائر الله سبحانه وتعالى .
وقد يقال:إن الاعتداء كان وهم في الجاهلية وقد أسلموا فكيف يتصور أن يعاملهم المؤمنون بما كان منهم في الجاهلية مع أن الإسلام يجب ما قبله ؟ والجواب عن ذلك أن جرح النفس قد يستمر أثره فنهى الله تعالى المؤمنين عن أن يكون منهم ما يكون مجاوبة لما كان من آلام نالتهم بسبب صد المشركين لهم في الجاهلية ، وخصوصا أن في بيان ذلك بيانا لأن كل صد عن المسجد الحرام اعتداء على شعائر الله ، سواء كان ذلك قبل الإسلام أم كان سببه هوى النفس والشيطان ومشاحة بين المسلمين أنفسهم كما حدث في عصور سابقة ، وكما يحدث الآن مهما تكن الأسباب .
وهنا قراءتان لابد من ذكرهما أولهما ، قراءة{ أن صدوكم عن المسجد الحرام} بفتح الهمزة{[862]} ، وهذه تشير إلى أن الصد كان في الماضي والاعتداء مجارمة لما كان في الماضي والقراءة الثانية ( إن صدوكم ) بكسر الهمزة ، ومؤداها أنه إذا كان في المستقبل من يصدكم عن المسجد الحرام ، فلا تعاملوه بالمثل وتصدوه لأن ذلك اعتداء .
والنص الكريم يدل على أن كل اعتداء حرام سواء أكان بالصد عن المسجد أو كان بغيره فما حرم الصد إلا لأنه شعبة من الاعتداء .
{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} إن الاعتداء والتعاون على البر والتقوى ضدان ، وعندما يذكر أمر يرد على الخاطر ضده ، ولذا أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى بعد النهي عن الاعتداء . والبر:التوسع في فعل الخير للناس والطاعة لله تعالى وتطهير النفس من أدرانها ، وهذا إذا لم تذكر التقوى فإذا ذكرت التقوى معه ، كما في هذا النص الكريم كان البر هو الطاعة الظاهرة ونفع الناس ، وإسداء المعروف لهم ، وكانت التقوى تصفية النفس وتطهيرها وإخلاصها لله تعالى ، وقد قال في ذلك أبو الحسن الماوردي:"ندب الله تعالى إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له لأن في التقوى رضا الله تعالى وفي البر رضا الناس ، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته"، والإثم:أصله اللغوي الأفعال المبطئة عن الخير المانعة له ، ثم أطلق على كل ما يفسد النفس ويفسد العمل ويكون فيه العصيان ومجافاة الخير ، وقرب الشر وإن الإثم إذا لم يتعد إلى غيره كان على نفسه وإن تعدى على غيره كان عدوانا وقد قال تعالى:{ ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما( 111 ) ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا( 112 )}( النساء ) .
وقد نهى سبحانه عن التعاون على الإثم والعدوان فنهى عن الإثم الذي تكون مغبته على صاحبه أو تفسد قلبه وعن العدوان على غيره .
والتعاون:معناه تبادل المعونة ، ويكون في الخير بمد يد المعونة في الشدائد ، وكل يجود بما عنده لأخيه ، فالعالم بعلمه والشجاع القوي بدفاعه عن الضعيف وأن يكون المؤمنون يدا على من سواهم ، ومنع الظالم من ظلمه وإرشاد الضال ، ومنع الآثام . وهذا تعاون أفرادي عام ، وله أشكال كثيرة والتعاون الجماعي بتعاون الأسرة وتعاون الحي ، وتعاون الأمة وتعاون الجماعة الإنسانية ، وكل ذلك حث عليه الإسلام ، ومن التعاون تأليف جماعات له ، والنبي صلى الله عليه وسلم أوجد أعظم تعاون جماعي وذلك بالإخاء في الإسلام .
وقد ذيل الله سبحانه النص الكريم بقوله:{ إن الله شديد العقاب} .
وهذا إنذار لمن يتعاونون على الإثم والعدوان وترهيب لغيرهم ( وقد أكد الله تعالى هذا المعنى بثلاث مؤكدات "إن"الدالة على التوكيد ) ، وبذكر لفظ الجلالة والوصف بالشدة اللهم قنا غضبك وامنحنا رضاك إنك أنت الغفور الرحيم .