( وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 13 قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ 14 قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 15 مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ 16 وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ 17 وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ 18 )
بين سبحانه وتعالى في الآيات السابقة سلطانه في خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ، وإحاطة علمه سبحانه ومعرفته للسر والجهر ، وتلقى المشركين لبيان الحقائق ، مع الإعجاز الدال على صدق الأخبار النبوية بالتكذيب والاستهزاء والإعراض عن البينات من الآيات وطلبهم آيات أخرى ، وبين سبحانه أنه ما دام الإعراض وما دام الجحود مستوليا على نفوسهم فلن تجدى معهم آية لأن ما سيق إليهم كاف لأنهم يكذبون حسهم ما دام إنكارهم سابقا لتلقيهم وقد ضرب لهم سبحانه الأمثال بما وقع للسابقين ونبههم سبحانه إلى ملكيته لكل ما في السموات والأرض ، وفي الآيات التي نتكلم في معناها بيان لسلطانه وعلمه الكامل بكل ما فيها ، وما ينبغي أن يكون أثرا لعلمه سبحانه وتعالى بذلك فقال تعالى:
( وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )( سكن ) هنا من السكون بمعنى الاستقرار والمعنى لله سبحانه وتعالى كل ما استقر وأقام في السموات وفي الأرض من حيوان وجن وما احتويا من نبات وجماد وبحار وجبال ووهاد ولآلئ والتعبير ب ( ما ) في قوله:( وله ما سكن ) للدلالة على العموم .
وقد يراد السكون الذي هو ضد الحركة لأنه لا سكون إلا معه حركة ، إذ إن السكون معنى نسبي لا يتحقق إلا إذا كان معه حركة وإذا كان الله تعالى ، يعلم السكون لكل ما في السموات والأرض فهو سبحانه يعلم الحركة والسكون ، وأنه لا مانع من أن يراد المعنيان معا ، إذ يعلم سبحانه كل ما استقر في السماوات والأرض ويعلم حركاتهما وسكناتهما .
ويعلم ذلك في الليل والنهار ويملك كل ذلك فالنص الكريم يدل على ملكية الله تعالى لكل ما في السموات والأرض عامة ، بلا استثناء ويعلم ما في كل الأماكن وفي عموم الأزمان بلا استثناء ليل ونهارا .
وهو مع هذه الملكية الكاملة يديرها بعلم كامل ، ويهيمن عليها بقدرة قاهرة ، وإرادة مسيطرة وعلم دقيق لذلك قال سبحانه:( وهو السميع العليم ) أي أنه سبحانه وتعالى يسمع دبيب النمل من غير أذن ، ويعلم كل ما كان أو سيكون من غير مشابهة في سمعه وعلمه للمخلوقات:(. . .ليس كمثله شيء وهو السميع البصير 11 ) ( الشورى ) لا تخفىعليه خافية في الأرض ولا في السماء .
وفي هذا النص الكريم إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى يملك الناس وما حولهم لا يخرجون عن قدرته وهو المهيمن عليهم ، إن شاء خسف بمن يخالفه وأهلكهم ولم يجعل من الكافرين ديارا وأنه عليم بما يكون من الطائعين فيجزيهم ويهديهم وما يكون من العصاة فيعاقبهم ويرديهم وفيه إنذار للمشركين .