( وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) .
فقد دأبوا على الإنكار لأنهم دأبوا على الإعراض ( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم الا كانوا عنها معرضين 4 ) ( الأنعام ) (. . .وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها . . .25 ) ( الأنعام ) ولكنهم مع ذلك الإعراض يدعون أن إنكارهم لنقص الدليل وليس للعنت ومجرد الجحودولقدكرروا القول في ذلك وما أرادوا معجزة مطلقة بل معجزة حسية تلفت أنظارهم وقد ذكر القرآن الكريم بعض ما طلبوا فقال تعالى:( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا 90 أو تكون لك جنة من نخيل فتفجرالانهار خلالها تفجيرا 91 أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا 92 أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا 93 ) ( الإسراء ) .
قالوا بصيغة الطلب الذي يشبه التمني والتحريض فعبر ب ( لولا ) الدالة على التحريض والتمني وكأنهم يتمنون الإيمان بتمني الآية وهم في ذلك منحرفون عن الغاية وقالوا لولا أنزل عليه أي على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك التنزيل آت من قبل ربه وعبروا بالمجهول وبربه وهما يفيدان أن الطلب ليس منه ، ولكنه من ربه فإذا كان رسولا من عنده ، فليجب ذلك الطلب الذي نتمناه ، ونكون من بعده مؤمنين .
وقد رد الله سبحانه وتعالى بأمرين:
أولهما:أنه سبحانه قادر عليه فهو المالك للسموات والأرض ومن فيها ، وهو القادر على أن ينزل عليهم تلك الآية ، فلن يعجزه شيء في الأرض ولكن الآيات التي تكون مع النبيين لإثبات رسالتهم تكون على مقتضى حكمته وتكون مناسبة لشريعتهم فتكون خالدة بخلدوها .
الأمر الثاني:الذي أجابهم سبحانه وتعالى هو أن أكثرهم لا يعلمون وهذا يفيد أنه سبحانه وتعالى مع قدرته على ما يطلبون لن يجيبهم لأنهم لا يعلمون أنهم لا يؤمنون ولو جاءهم بالآيات لأنهم سبقوا إلى الإنكار والجحود . فيكفرون بهذه الآية كما كفروا بالقرآن ولأن القرآن حجة في ذاته وهو أقوى حجة تناسب شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لأن الآيات المادية وقائع حسية تنتهي بانتهاء زمنها ، ولا يعرفها إلا الذين يرونها أما القرآن فهو باق خالد معجز في كل الأعصار والدهور فناسب شريعة خالدة باقية إلى يوم القيامة .