قوله تعالى:{قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ ءايَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} .
ذكر في هذه الآية الكريمة: أنه قادر على تنزيل الآية التي اقترحها الكفار على رسوله ،وأشار لحكمة عدم إنزالها بقوله:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} وبين في موضع آخر أن حكمة عدم إنزالها أنها لو أنزلت ولم يؤمنوا بها ،لنزل بهم العذاب العاجل كما وقع بقوم صالح لما اقترحوا عليه إخراج ناقة عشراء ،وبراء ،جوفاء ،من صخرة صماء ،فأخرجها الله لهم منها بقدرته ومشيئته ،فعقروها{وَقَالُواْ يَا صَالحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ} [ الأعراف: 77] فأهلكهم الله دفعة واحدة بعذاب استئصال ،وذلك في قوله{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بالآيات إِلاَّ تَخْوِيفًا} [ الإسراء: 59] وبين في مواضع أخر أنه لا داعي إلى ما اقترحوا من الآيات ،لأنه أنزل عليهم آية أعظم من جميع الآيات التي اقترحوها وغيرها ،وتلك الآية هي في هذا القرآن العظيم ؛وذلك في قوله{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [ العنكبوت: 51] فإنكاره جل وعلا عليهم عدم الاكتفاء بهذا الكتاب عن الآيات المقترحة يدل على أنه أعظم وأفخم من كل آية ،وهو كذلك ألا ترى أنه آية واضحة ،ومعجزة باهرة ،أعجزت جميع أهل الأرض ،وهي باقية تتردد في آذان الخلق غضة طرية حتى يأتي أمر الله ،بخلاف غيره من معجزات الرسل صلوات الله عليهم وسلامه فإنها كلها مضت وانقضت .