( قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )
( أرايتكم ) استعمال قرآني أراد العلماء أن يخرجوه على مقتضى قواعدهم النحوية من حيث الإعراب وكيف يكون وضع الحروف ، وكلمة أرايت في القرآن والاستعمال العربي تستعمل للتنبيه والتحريض على الرؤية والنظر فهو استفهام للتنبيه مؤداه أرأيت كذا فإن لم تكن رأيته فانظره فهو تنبيه وحث على الإمعان فيه والتأمل ، وقوله تعالى:( أرايتكم ) فيه جمع بين خطابين أحدهما مفرد وظاهره أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو التاء ، وهو فاعل الرؤية أو على حد قول النحويين التاء فاعل ، والثاني خطابهم بالكاف والظاهر الذي يبدو بادي الراى أن الخطاب لهم بالقصد ولذلك جاء بعده ( إن أتاكم عذاب ) وكان خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لتنبيهه صلى الله عليه وسلم وإجابتهم ويكون المؤدى بيان ضعفهم أمام الحوادث والمسلمات وصغارهم واستغاثتهم بالله وحده وأنهم لا يدعون سواه ، وتنبيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك .
هذا ما يبدو لنا من معنى هذا الاستفهام البليغ الذي هو من آيات الإعجاز ولا حاجة فيه الى أن نقول:إن الكاف حرف أو اسم ولا أن نقول الخطاب بأيهما أ بالتاء وحدها أو بالكاف وحدها . والحق أنه بهما معا فالتاء للنبي صلى الله عليه وسلم والكاف للمشركين وفي التاء تنبيه إلى ما يكون منهم من إجابة .
والخطاب موجه إليهم للإجابة عن سؤال معين إن أتاكم عذاب الله الدنيوي من زلزال مدمر أو خسف يجعل عالي الأرض سافلها ، أو عاصف شديد أو فاجأتكم الساعة أي القيامة ( أغير الله تدعون ) أي أتدعون غير الله من أحجار ، تجتلبونها أو نار توقدونها وتعبدونها أو شمس تقدسونها ؟ لا أحد غير الله سبحانه ، إذن فلم تعبدون غير الله ؟ وهم لا يملكون ضرا ولا نفعا وعلق سبحانه وتعالى الإجابة على الصدق لكي يكون الجواب لا تمويه فيه بل يكون صادرا عن حقيقة واقعة لا عن أوهام يتوهمونها ويحسبونها بل عن عقل مدرك صادق خالص من الأوهام والأهواء والأخيلة الفاسدة . ولقد أكد سبحانه الإجابة السليمة بقوله تعالى: