قوله تعالى: ( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون )
قال الشيخ الشنقيطي:ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن المشركين إذ أتاهم عذاب الله ،أو أتتهم الساعة أخلصوا الدعاء الذي هو مخ العبادة لله وحده ،و نسو ما كانوا يشركون به ،لعلمهم أنه لا يكشف الكروب إلا الله وحده جل وعلا .ولم يبين هنا نوع العذاب الدنيوي الذي يحملهم على الإخلاص لله ،ولم يبين هنا أيضا إذا كشف عليهم العذاب هل يستمرون على إخلاصهم ،أو يرجعون إلى كفرهم و شركهم ،ولكنه بين كل ذلك في مواضع أخر فبين أن العذاب الدنيوي الذي يحملهم على الإخلاص ،هو نزول الكروب التي يخاف من نزلت به الهلاك ،:كأن يهيج البحر عليهم و تلتطم أمواجه ،و يغلب على ظنه أنهم سيغرقون فيه إن لم يخلصوا الدعاء لله وحده ،كقوله تعالى ( حتى إذا كنتم في الفلك و جرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف و جاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير حق ) ،وقوله ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ) ،وقوله ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ) ، إلى غير ذلك من الآيات و بين أنهم إذا كشف الله عنهم ذلك الكرب ،رجعوا إلى ما كانوا عليه من الشرك في مواضع كثيرة كقوله ( فلما نجاكم إلى البر أعرضتم و كان الإنسان كفورا ) ،وقوله( فلما نجاهم إلى البر إذا هم مشركون ) ،وقوله ( قل الله ينجيكم منها و من كل كرب ثم أنتم تشركون ) ،وقوله( فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير حق ) إلى غير ذلك من الآيات .