( ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) .
وإنه بعد أن يموتوا يردون إلى الله تعالى معروضة أعمالهم محصاة إحصاء دقيقا يردون إلى الله تعالى مولاهم الحق ، وفي هذا النص بضعة مباحث نشير إليها ففيها تقريب لمعنى النص الكريم .
أولها:التعبير ب ( ثم ) والتراخي هنا لبيان مكانة الحساب والرد على الله تعالى لأن الالتقاء بحساب الله أمر ذو خطر عظيم لما كانوا يفعلون غير متوقعين بعد ذلك من وقائع تزلزل قلوب الفاسقين وتطمئن لها قلوب المؤمنين .
وثانيهما:أنه عبر عن الرد للحساب بالرد لله تعالى ذي الجلال وذلك يشير إلى خطورة الأمر ، ودقة الموقف وجلال الحساب .
وثالثها:أن الله تعالى عبر عن ذاته الكريمة أنه مولاهم الحق أي ذو الولاية الحق فلا ولاية لمن اتخذوهم أولياء بل إنهم ينسونهم وينكرونهم كما قال تعالى:( هنالك الولاية لله الحق . . .44 ) ( الكهف ) و ( الحق ) يصح أن نقول إنها وصف لمولاهم أي هو المولى الحق الذي لا يصدق على غيره أنه ولي قط أو نقول إنها الحق الثابت وبالعدل الذي لا يظلم ربك فيه أحدا .
وقوله تعالى:( ألا له الحكم ) ( ألا ) فيه للتنبيه وتقديمه له على الحكم للإشارة إلى أنه وجد له الحكم ولا حكم لأحد سواه فليترقبوا جزاء ما عملوا والحساب قائم ومؤكد ولذا قال من بعد:( وهو أسرع الحاسبين ) أي أنه لا يوجد حاسب في سرعة حسابه وهذا يؤكد الحساب وما يترتب عليه من ثواب وعقاب ، وإنها لجنة أبدا أو لنار أبدا ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء . . .48 ) ( النساء ) ويثبت أن حساب الله سريع لأن الله يعلم كل شيء قبل أن يقدموا عليه إن الله بكل شيء عليم .