( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ 11قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ 12قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ 13قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ 14 قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ 15قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ 16ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ 17قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ 18 ) .
ذكر سبحانه وتعالى في هذه الآيات وما يليها قصة خلق آدم ومعاندة إبليس وقد سبق ذكرها في سورة البقرة وليس ذكرها هنا تكرار لما ذكر هناك أولا ، فإنه إذا كررت بعض الوقائع فانه قد زيد هنا الفتنة التي فتن به الشيطان النفس البشرية فعلا ، وهي تشابه مع ما أدى اليه الاندفاع وراء إبليس من بدء السورة وأن آدم وحواء قد بدا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، فقد فتن المشركين حتى جعلهم يطوفون عراة كما أدت وسوسته لآدم وحواء إلى أن بدت لهما سوءاتهما .
( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ) .
الخلق الإنشاء والتقدير الله تعالى الناس من الطين ، فقال له كن فكان إنسانا ثم صوره على هذا الشكل الإنساني الذي جعله في أحسن تقويم ، و ( ثم ) هنا ليست للتراخي الزمني ، فإن ذلك إنما يكون بالنسبة للحوادث ، أما بالنسبة لله تعالى فلا تفاوت ولا تراخي لأن الزمن لا يكون بالنسبة لله تعالى انما هو التفاوت بين حالي الخلق ، وان كان كلاهما يتم بقوله تعالى:(. . .كن فيكون 117 ) ( البقرة ) .
بعد أن تم خلق الإنسان وهو آدم كرمه الله تعالى بان أمر الملائكة بان يسجدوا لعلمه بالأشياء اذ علمه الله تعالى الأسماء كلها ، وهذا قد ذكر في سورة البقرة ، ولم يذكره هنا على ذلك لم يكن تكرار .
وقوله تعالى:( ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ) ثم:هنا للتفاوت بين تقويم الخلق والتكوين والأمر بالسجود .
واستثنى من إطاعة الأمر فتى السجود إبليس والاستثناء لأنه لم يسجد ، سواء أكان الاستثناء متصلا ، لأنه من جملة من كان مع الملائكة أم كان منقطعا ، فانه لم يسجد مع أن الأمر بالسجود يشمله فلم يكن منه سجود