أدركوا أنهم ضلوا ، ولقد حكى الله ذلك فقال:{ وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( 149 ) .
وكلمة{ سقط في أيديهم} تستعمل حال الندم ، ومثله أسقط في أيديهم ، والأفضل سقط ، وخطأ بعضهم أسقط ، وهو مردود لكونه استعمال قرآني ، قيل:إن العرب لم تسبق إليه ، ومعناه اللفظي سقط تفكيرهم من رءوسهم إلى أيديهم ، وصار فيها وذلك أن من يقع في خطأ يندم عليه يضرب كف على كف ، وأحيانا يعض على بنانه ، وهذا الكلام يدل على أن الكلام فيه كناية عن الندم لأنه ذكر اللازم الحسي له .
وقد سجل الله تعالى ندمهم بذكر سببه ، فقال:{ ورأوا أنهم قد ضلوا} ، أي علموا علم اليقين أنهم ضلوا ووقعوا في الضلال ، فقلدوا أتباع فرعون فيما صنعوا ، وأحسوا بأنه لا مناجاة لهم إلا أن يرجعوا إلى ربهم ، ويتضرعوا إليه ، وقالوا:{ لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا} رجوا الرحمة ، والرحمة تكون بالغفران ، فالغفران هو الرحمة وهي لازمة ، وذكر الشيء ولازمه .
وجواب القسم{ لنكونن من الخاسرين} والخسران خسران تفكيرهم بسبب ضلالهم ، وخسران الحق ، والخسران المبين بشركهم ، ولا مناجاة من ذلك إلا برحمته وغفرانه .