ولقد ذكر – سبحانه وتعالى – أن أولئك الظالمين عتوا عن أمر ربهم ، وبذلك خرجت نفوسهم عن أن تكون نفوسا آدمية ، تدرك الحق وتعمل به ، إلى خنزيرية شهوانية ، تنزو نزو القردة ، وتغلظ غلظ الخنزير ، حتى لا تسمع هاديا ، ولا تجيب داعيا .
قال تعالى:{ فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ( 166 )} .
العتو:الاستكبار وتجاوز الحد في الظلم ، مستكبرين سادرين في الباطل صادين عن الحق جاعلين الدعوة إليه دبر آذانهم ، لم يكن ثمة سبيل لهدايتهم ، فكان اليأس منهم ، ويقول تعالى في نتيجة ذلك:{ قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} وقلنا هنا هي مقالة التكوين ، أي جعلنا نفوسهم نفوس قردة نارية لا تجدي فيها موعظة ، ولا تهتدي بهداية ، فهي كنفس القرد في شهواته ونزواته وانسياب نفسه في الشر من غير اعتبار بموعظة ، ولا إدراك الحق ولا إيمان .
وقوله:{ خاسئين} ، أي مطرودين لا يسمع لهم ولا يلتف إليهم ، وهنا شبههم بالقردة ، وفي آية أخرى شبههم بالقردة والخنازير فقد قال تعالى:{. . . . . . . . . . . . وجعل منهم القردة والخنازير . . . . . . . . . . . . . . . . ( 60 )} ( المائدة ) ومن بيانية أي جعلناهم قردة وخنازير .