/م163
{ فلما عتوا عما نهوا عنه} أي فلما عتوا عن أمر ربهم عتو إباء واستكبار عن ترك ما نهاهم عنه الواعظون{ قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} هذا القول للتكوين أي تعلقت إرادتنا بأن يكونوا قردة خاسئين أي صاغرين أذلاء فكانوا كذلك .
قيل:إن هذا بيان وتفصيل للعذاب البئيس في الآية السابقة ، وقيل:هو عذاب آخر ، وإن الله عاقبهم أولا بالبؤس والشقاء في المعيشة ، لأن من الناس من لا يربيه ويهذبه إلا الشدة والبؤس ، كما أن منهم من يربيه ويهذبه الرخاء والنعمة ، وبكل يبتلي الله عباده ويمتحنهم كما قال:{ ونبلوكم بالشر والخير فتنة} [ الأنبياء:35] وقال في بني إسرائيل{ وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون} [ الأعراف:168] ولكن هؤلاء القوم لم يزدهم البؤس والسوء إلا عتوا وإصرارا على الفسق والظلم فدمدم عليهم ربهم بذنبهم ، ومسخهم مسخ خلق وبدن فكانوا قردة بالفعل ، أو مسخ خلق ونفس ، فكانوا كالقردة في طيشها وشرها ، وإفسادها لما تصل إليه أيديها .والأول قول الجمهور والثاني قول مجاهد قال:مسخت قلوبهم فلم يوفقوا لفهم الحق .