ولقد أكد الله تعالى ذلك فقال:{ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ( 183 )} .
في هذا النص السامي يبين سبحانه عاقبتهم ، وهي العذاب الشديد الذي يستدرجون إليه فيقول:{ وأملي لهم} ، أي أطيل عليهم الأمن ، أي أتركهم ملاوة من الزمن يستمتعون فيها ، كما تستمتع الأنعام ، وهم سادرون في طغيانهم وكفرهم ، وكلما أمعنوا في لذاتهم وشهواتهم وما مكنوا منه ؛ ازدادوا إثما ، حتى إذا امتلئوا آثاما بما كسبت أيديهم أخذوا أخذا عزيز مقتدر ، وما أفلتوا من عقاب شديد ؛ ولذا قال تعالى مبينا ما بيته لهم:{ إن كيدي متين} ، هو التدبير للأشرار معاملة لهم بمثل تدبيرهم وشرهم ، وإيذائهم لأهل الإيمان{ متين} ، أي غليظ شديد مأخوذ من متن الجسم وهو الجانب القوي في عظامه .
وإنه قد قالوا:إن هذه الآية نزلت في كبراء قريش الذين كانوا يؤذون المؤمنين وخصوصا ضعفاءهم ، فالله تعالى يبين لهم أنهم مأخوذون وسينتقم الله تعالى منهم ، وقد أخذهم الله تعالى بذنوبهم في موقعة بدر ، أخذ الذين بالغوا في إيذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ عزيز مقتدر .
ونقول:إن عموم الآية يشمل هؤلاء وغيرهم ممن يظهرون مغترين ، يقولون في غرورهم نحن أكثر أموالا وأولادا ، فالله تعالى يمهل ولا يهمل .