القول في تأويل قوله:وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:وأُؤخر هؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا. [ وأصل "الإملاء "من قولهم:"مضى عليه مليٌّ، ومِلاوَة ومُلاوَة]، ومَلاوة "= بالكسر والضم والفتح = "من الدهر ",(30) وهي الحين, ومنه قيل:انتظرتُك مليًّا. (31)
* * *
= (32) ليبلغوا بمعصيتهم ربهم، المقدارَ الذي قد كتبه لهم من العقاب والعذاب ثم يقبضهم إليه.
* * *
(إن كيدي).
* * *
والكيد:هو المكر. (33)
* * *
وقوله:(متين)، يعني:قويٌّ شديدٌ, ومنه قول الشاعر:(34) [عدلن عـدول النـاس وأقبـح] يَبْتَـلِي
أَفَــانِينَ مِـنْ أُلْهُـوبِ شَـدٍّ مُمَـاتِنِ (35)
يعني:سيرًا شديدًا باقيًا لا ينقطع. (36)
----------------
الهوامش:
(30) لا شك أنه قد سقط من كلام أبي جعفر شيء ، أتممته استظهاراً ، من مجاز القرآن لأبي عبيدة 1:234 ، وضعته بين قوسين . وسيتبين لك بعد أن الكلام في هذه الفقرات مقطع غير متصل ، فلا أدري أهو من الناسخ أم من أبي جعفر ، ولذلك فصلت بعضه عن بعض . فتنبه إلى هذا الفصل بين المتتابعين ، بكلام مفسر ، كما ترى . وكان في المطبوعة:(( ملاءة )) . وأثبت ما في المخطوطة .
(31) انظر تفسير (( الإملاء )) فيما سلف 7:421 ، 422 .
(32) سياق الكلام:( وأواخر هؤلاء ... ليبلغوا ... ))
(33) انظر تفسير (( الكيد )) فيما سلف 7:156 / 8:547 .
(34) لم أعرف قائله .
(35) جاء البيت في المطبوعة:عَـدَلْنَ عُـدُولَ النـاسِ وأقبـح يبتلى
أقــاس مـن الهـراب شـد مُمَـاتِن
وفي المخطوطة:عـدلن عـدول النـاس دامـح سـلى
اماســن مـن الهـرب سـد ممـاتن
غير منقوط إلا ما نقطته .
وصدر البيت لم أعرف له وجهاً ، وأما قراءة عجز البيت ، فصوابه قراءته ما أثبته بلا ريب ، وإنما يصف نوقاً أو خيلا . و (( الأفانين )) جمع (( أفنون )) ، وهو الجرى المختلط من جرى الفرس والناقة . يقال:(( جرى الفرس أفانين من الجرى )) ، و (( أفتن الفرس في جريه )) ، و (( الألهوب )):أن يجتهد الفرس في عدوه ويضطرم ، حتى يثير الغبار . يقال:(( شد ألهوب )) . ويقال:(( ألهب الفرس )) ، اضطرم جريه . و (( الشد )) ، العدو . يقال:(( شد الفرس وغيره في العدو ، شداً واشتد )) ، أي:أسرع وعدا عدواً شديداً . وتركت صدر البيت بحاله ، حتى أجد له مرجعاً يصححه .
(36) في المخطوطة:(( يعنى سبباً شديداً )) ، وما في المطبوعة قريب من الصواب .