قوله تعالى:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} .
هدد الله تعالى الكفار في هذه الآية الكريمة بأمره نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتركهم يأكلون ويتمتعون ،فسوف يعلمون حقيقة ما يؤول إليه الأمر من شدة تعذيبهم وإهانتهم .وهددهم هذا النوع من التهديد في مواضع أخر كقوله{كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ} [ المرسلات:36] وقوله:{قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [ الزمر:8] وقوله:{فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} [ الزخرف: 83] وقوله{فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [ الطور:45] إلى غير ذلك من الآيات .
وقد تقرر في فن المعاني وفي مبحث الأمر عند الأصوليين أن من المعاني التي تأتي لها صيغة أفعل التهديد كما في الآية المذكورة وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة{ذَرْهُمْ} يعني اتركهم ،وهذا الفعل لم يستعمل منه إلا الأمر والمضارع ،فماضيه ترك ،ومصدره الترك ،واسم الفاعل منه تارك ،واسم المفعول منه متروك .وقال بعض العلماء: هذه الآية منسوخة بآيات السيف ،والعلم عند الله تعالى .قال القرطبي: «والأمل الحرص على الدنيا والانكباب عليها والحب لها والإعراض عن الآخرة » ،وعن الحسن رحمه الله أنه قال: «ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل » ،وقد قدمنا علاج طول الأمل في سورة البقرة .