قوله تعالى:{فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً 106} .
الضمير في قوله:{فَيَذَرُهَا} فيه وجهان معروفان عند العلماء:
أحدهماأنه راجع إلى الأرض وإن لم يجر لها ذكر .ونظير هذا القول في هذه الآية قوله تعالى:{ما تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ} ،وقوله:{ما تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ} فالضمير فيهما راجع إلى الأرض ولم يجر لها ذكر .وقد بينا شواهد ذلك من العربية والقرآن بإيضاح في سورة «النحل » فأغنى ذلك عن إعادته هنا .
والثانيأنه راجع إلى منابت الجبال التي هي مراكزها ومقارها لأنها مفهومة من ذكر الجبال .والمعنى: فيذر مواضعها التي كانت مستقرة فيها من الأرض قاعاً صفصفاً .والقاع: المستوى من الأرض .وقيل: مستنقع الماء .والصفصف: المستوى الأملس الذي لا نبات فيه ولا بناء ،فإنه على صف واحد في استوائه .وأنشد لذلك سيبويه قول الأعشي:
وكم دون بيتك من صفصف *** ودكداك ومل وأعقادها
ومنه قول الآخر:
وملمومة شهباء لو قذفوا بها *** شماريخ من رضوى إذاً عاد صفصفا