قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى 116} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أمر الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى .أي أبى أن يسجد .فذكر عنه هنا الإباء ولم يذكر عنه هنا الاستكبار .وذكر عنه الإباء أيضاً في «الحجر » في قوله:{إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ 31} .وقوله في آية «الحجر » هذه{أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ 31} يبين معمول «أبى » المحذوف في آية «طه » هذه التي هي قوله{إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى} أي أبى أن يكون مع الساجدين ،كما صرح به في «الحجر » وكما أشار إلى ذلك في «الأعراف » في قوله:{إِلاَ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ 11} وذكر عنه في سورة «ص » الاستكبار وحده في قوله:{إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ 74} ،وذكر عنه الإباء والاستكبار معاً في سورة «البقرة » في قوله:{إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ 34} .وقد بينا في سورة «البقرة » سبب استكباره في زعمه وأدلة بطلان شبهته في زعمه المذكور .وقد بينها في سورة «الكهف » كلام العلماء فيه ؛هل أصله ملك من الملائكة أولا ؟
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} صرح في غير هذا الموضع أن السجود المذكور سجده الملائكة كلهم أجمعون لا بعضهم ،وذلك في قوله تعالى:{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ 30 إِلاَّ إِبْلِيسَ} الآية .