قوله تعالى:{ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرفِينَ 9} .
بين جل وعلا في هذه الآيات: أنه أرسل الرسل إلى الأمم فكذبوهم ،وأنه وعد الرسل بأن لهم النصر والعاقبة الحسنة ،وأنه صدق رسله ذلك الوعد فأنجاهم .وأنجى معهم ما شاء أن ينجيه ..والمراد به من آمن بهم من أممهم ،وأهلك المسرفين وهم الكفار المكذبون الرسل ،وقد أوضح هذا المعنى في مواضع كثيرة من كتابه ،كقوله تعالى{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّي مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ 110} ،وقوله:{فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ 47} ،وقوله تعالى:{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ 13 وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِن بَعْدِهِمْ} ،وقوله:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين 171 َإِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ 172 وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ 173} ،وقوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} الآية ،وقوله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} الّآية ،وقوله:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} الآية ،إلى غير ذلك من الآيات .والظاهر أن «صدق » تتعدى بنفسها وبالحرف ،تقول: صدقته الوعد ،وصدقته في الوعد .كقوله هنا:{ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ} ،وقوله:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} .فقول الزمخشري «صدقناهم الوعد » كقوله: «واختار موسى قومه سبعين رجلاً » لا حاجة إليه ،والله أعلم .والإسراف: مجاوزة الحد في المعاصي كالكفر ،ولذلك يكثر في القرآن إطلاق المسرفين على الكفار .