قوله تعالى:{وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} .
الضمير في قوله: عليها راجع إلى الأنعام المذكورة في قوله:{وَإِنَّ لَكُمْ في الأنعام} وقد بين تعالى في هذه الآية: أنه يحمل خلقه على الأنعام ،والمراد بها هنا الإبل ،لأن الحمل عليها هو الأغلب ،وعلى الفلك: وهي السفن ولفظ الفلك ،يطلق على الواحد والجمع من السفن ،وما ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة من الامتنان على خلقه بما يسر لهم من الركوب والحمل ،على الأنعام والسفن جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى{اللَّهُ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأنعام لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً في صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [ غافر:79-80] وقوله في الأنعام{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [ يس:71-72] وقوله فيها{وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [ النحل:7] وقوله في الفلك والأنعام معاً{والذي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الْفُلْكِ والأنعام مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَاذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّآ إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [ الزخرف:12-14] وقوله في السفن{وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ في الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} [ يس:41-42] وقوله:{سَخَّرَ لَكُم مَّا في الأرض وَالْفُلْكَ تَجْرِى في الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} [ الحج:65] وقوله تعالى:{وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} [ فاطر:12] والآيات بمثل هذا كثيرة ،وهذا من نعمه وآياته ،وقرن الأنعام بالفلك في الآيات المذكورة لأن الإبل سفائن البر ،كما قال ذو الرمة: ألا خيلت مني وقد نام صحبتي *** فما نفر التهويم إلا سلامها
طروقاً وجلب الرحل مشدودة بها *** سفينة بر تحت خدي زمامها
فتراه سمى ناقته سفينة بر وجلب الرحل بالضم والكسر عيدانه أو الرحل بما فيه .