قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا} .
أمر اللَّه جلَّ وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة: أن يذكروا نعمته عليهم حين جاءتهم جنود وهم جيش الأحزاب ،فأرسل جلَّ وعلا عليهم ريحًا وجنودًا لم يرها المسلمون ،وهذه الجنود التي لم يروها التي امتنّ عليهم بها هنا في سورة «الأحزاب » ،بيَّن أنه منّ عليهم بها أيضًا في غزوة حنين ،وذلك في قوله تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا} [ التوبة: 25-26] الآية ،وهذه الجنود هي الملائكة ،وقد بيَّن جلَّ وعلا ذلك في «الأنفال » ،في الكلام على غزوة بدر ،وذلك في قوله تعالى:{إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأعْنَاقِ واضْربوا منهم كلّ بنانٍ} [ الأنفال: 12] الآية ،وهذه الجنود التي لم يروها التي هي الملائكة ،قد بيَّن اللَّه جلَّ وعلا في «براءة » ،أنّه أيَّد بها نبيّه صلى الله عليه وسلم وهو في الغار ،وذلك في قوله:{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا في الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تحزن إنّ الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيّده بجنود لم تروها} [ التوبة: 40] الآية .