قوله تعالى:{وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِين َقَالُواْ يا قَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ} [ 29 -30] .
ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة من سورة الأحقاف ،أنه صرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم{نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ} والنفر دون العشرة{يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ} وأنهم لما حضروه ،قال بعضهم لبعض{أَنصِتُواْ} أي اسكتوا مستمعين ،وأنه لما قضى .أي انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من قراءته{وَلَّوْاْ} أي رجعوا إلى قومهم من الجن في حال كونهم منذرين أي مخوفين لهم من عذاب الله إن لم يؤمنوا بالله ،ويجيبوا داعيه محمداً صلى الله عليه وسلم .وأخبروا قومهم ،أن هذا الكتاب الذي سمعوه يتلى ،المنزل من بعد موسى يهدي إلى الحق ،وهو ضد الباطل ،وإلى طريق مستقيم ،أي لا اعوجاج فيه .وقد دل القرآن العظيم أن استماع هؤلاء النفر من الجن ،وقولهم ما قالوا عن القرآن كله وقع ولم يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم ،حتى أوحى الله ذلك إليه ،كما قال تعالى في القصة بعينها ،مع بيانها وبسطها ،بتفصيل الأقوال التي قالتها الجن ،بعد استماعهم القرآن العظيم:{قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً} [ الجن: 1 -2] إلى آخر الآيات .