قوله تعالى:{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} .
اختلف العلماء في المراد بالنجم في هذه الآية ،فقال بعض العلماء: النجم هو ما لا ساق له من النبات كالبقول ،والشجر هو ما له ساق ،وقال بعض أهل العلم: المراد بالنجم نجوم السماء .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي صوابه أن المراد بالنجم هو نجوم السماء ،والدليل على ذلك أن الله جل وعلا في سورة الحج صرح بسجود نجوم السماء والشجر ،ولم يذكر في آية من كتابه سجود ما ليس له ساق من النبات بخصوصه .ونعني بآية الحج قوله تعالى{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن في السَّمَاوَاتِ وَمَن في الأرض وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ} [ الحج: 18] الآية .
فدلت هذه الآية أن الساجد من الشجر في آية الرحمن هو النجوم السماوية المذكورة مع الشمس والقمر في سورة الحج ،وخير ما يفسر به القرآن القرآن ،وعلى هذا الذي اخترناه ،فالمراد بالنجم النجوم ،وقد قدمنا الكلام عليه في أول سورة النجم وأول سورة الحج ،وذكرنا أن من الشواهد العربية لإطلاق النجم وإرادة النجم قول الراعي:
فباتت تعد النجم في مستحيرة *** سريع بأيدي الآكلين جمودها
وقول عمرو بن أبي ربيعة المخزومي:
أبرزها مثل المهاة تهادى *** بين خمس كواعب أتراب
ثم قالوا تحبها قلت بهرا *** عدد النجم والحصا والتراب
وقوله في هذه الآية الكريمة:{يَسْجُدَانِ} قد قدمنا الكلام عليه مستوفى في سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى:{وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن في السَّمَاوَاتِ والأرض طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ والآصال} [ الرعد: 15] .