وقوله تعالى:{أَءَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ} استفهام تقرير ،فإنهم لا بد أن يقولوا: أنتم الخالقون ،فيقال لهم: إذا كنا خلقنا هذا الإنسان الخصيم المبين من تلك النطفة التي تمنى في الرحم ،فكيف تكذبون بقدرتنا على خلقه مرة أخرى ،وأنتم تعلمون أن الإعادة لا يمكن أن تكون أصعب من الابتداء ،والضمير المنصوب في تخلقونه عائد إلى الموصول أي تخلقون ما تمنونه من النطف علقاً ،ثم مضغاً إلى آخر أطواره .
وهذا الذي تضمنته هذه الآية من البراهين القاطعة على كمال قدرة الله على البعث وغيره ،وعلى أنه المعبود وحده ،ببيان أطوار خلق الإنسان ،جاء موضحاً في آيات أخر ،وقد قدمنا الكلام على ذلك مستوفىً بالآيات القرآنية ،وبينا ما يتعلق بكل طور من أطواره من الأحكام الشرعية في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى:{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ في رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ} [ الحج: 5] الآية .
وذكرنا أطوار خلق الإنسان في سورة الرحمان أيضاً في الكلام على قوله تعالى:{خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ} [ الرحمان: 3 -4] وفي غير ذلك من المواضع .
وبينا الآيات الدالة على أطوار خلقه جملة وتفصيلاً في الحج .
/خ59