قوله تعالى:{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ} .
اختلف في مرجع اسم الإشارة هنا وفي المراد بالمتفضل به عليهم ،أهم الأمة الأميّة تفضل الله عليها ببعثة نبي منهم فيهم ؟أم هو النَّبي صلى الله عليه وسلم الأمّي تفضل الله تعالى عليه ببعثته معلماً هادياً ؟أم هم الآخرون الذين لم يلحقوا زمن البعثة ووصلتهم دعوتها ،وأدركوا فضلها ؟
وقد اكتفى الشيخ رحمة الله تعالى عليه وعلينا ،في مذكرة الدراسة بقوله ذلك أي المذكور من بعث هذا النَّبي الكريم في الأميين ،فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ،ومن عظم فضله تفضله على هذه الأمة بهذا النَّبي الكريم ا ه .
وهذا القول منه رحمة الله تعالى علينا وعليه ،يتضمن القولين الأول والثاني من الأقوال الثلاثة ،تفضل الله على الأميين ببعثة هذا النَّبي الكريم فيها ،وتفضل الله على النَّبي ببعثته فيهم مما لا يشعر بأنه لا خلاف بين هذه الأقوال الثلاثة ،وأنها من الاختلاف التنوعي أو هي من المتلازمات فلا مانع من إدارة الجميع ،لأن فضل الله تعالى قد شمل الجميع .
وقد نص الأول بقوله:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [ آل عمران: 164] وهذا عين ما في سورة الجمعة سواء ،لأن الامتنان هو التفضل .
ونص على الثاني بقوله تعالى:{وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [ النساء: 113] .
ونص على الثالث بقوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [ المائدة: 54] .
فقوله: فسوف يأتي ،ويساوي{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ} [ الجمعة: 3] ،فهو خلاف تنوع ،وفضل الله شامل للجميع .