قوله تعالى:{إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ} .
أجمل ما يعلمون في ما الموصولة} مما{ ،وقد بينه تعالى في عدة مراحل من تراب أولاً ثم من نطفة .وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك في أكثر من موضع ،وأصرح نص في ذلك قوله تعالى{أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} [ المرسلات: 20] وقوله:{فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ} [ الطارق: 5 – 7] أي ماء الرجل وماء المرأة يختلطان معاً ،كما في قوله تعالى:{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} [ الإنسان: 1-2] .
وقوله تعالى:{كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ} ليس لمجرد الإخبار ،لأنهم يعلمون ،والعالم ليس في حاجة إلى إخبار ،ولكن يراد بذلك لازم الخبر ،وهو إفهامهم بأن من خلقهم من هذا الذي يعلمون قادر على إعادتهم وبعثهم ومجازاتهم ،كما في سورة الدهر{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [ الإنسان: 2] .
ثم قال:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [ الإنسان: 3] .
ثم بين المصير{إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً إِنَّ الأبرار يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً} [ الإنسان: 4 -5] .