هذا تذييل ،وهو تنهية للغرض الذي ابتدىء من قوله:{ ربكم الذي يزجى لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله}[ الإسراء: 66] الراجع إلى التذكير بنعم الله تعالى على الناس في خلال الاستدلال على أنه المتصرف الوحيد ،وإلى التحذير من عواقب كفران النعم .وإذ قد ذكر في خلال ذلك فريقان في قوله:{ يوم ندعوا كل أناس بإمامهم} الآية[ الإسراء: 71] ،وقوله:{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً}[ الإسراء: 82] .
ولما في كلمة ( كل ) من العموم كانت الجملة تذييلاً .
وتنوين{ كل} تنوين عوض عن المضاف إليه ،أي كل أحد مما شمله عموم قوله:{ ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى}[ الإسراء: 72] وقوله:{ ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً}[ الإسراء: 82] وقوله:{ وإذا أنعمنا على الإنسان}[ الإسراء: 83] .
والشاكلة: الطريقة والسيرة التي اعتادها صاحبها ونشأ عليها .وأصلها شاكلة الطريق ،وهي الشعبة التي تتشعب منه .قال النابغة يذكر ثوباً يشبه به بُنيات الطريق:
له خُلج تهوي فُرادَى وترعوي *** إلى كل ذي نيرَين بادي الشواكل
وهذا أحسن ما فسر به الشاكلة هنا .وهذه الجملة في الآية تجري مجرى المثل .
وفرع عليه قوله:{ فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا} وهو كلام جامع لتعليم الناس بعموم علم الله ،والترغيب للمؤمنين ،والإنذار للمشركين مع تشكيكهم في حقية دينهم لعلهم ينظرون ،كقوله:{ وإنا أو إياكم لعلى هدى} الآية[ سبأ: 24] .