فائدة قوله{ وَهُزِي إليْكِ بِجِذْعِ} أن يكون إثمار الجذع اليابس رُطباً ببركة تحريكها إياه ،وتلك كرامة أخرى لها .ولتشاهد بعينها كيف يُثمر الجذع اليابس رطباً .وفي ذلك كرامة لها بقوّة يقينها بمرتبتها .
والباء في{ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} لتوكيد لصوق الفعل بمفعوله مثل{ وامسحوا برؤوسكم}[ المائدة: 6] وقوله{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}[ البقرة: 195] .
وضمن{ وَهُزي} معنى قَرّبي أو أدني ،فعُدي ب ( إلى ) ،أي حرّكي جذع النخلة وقرّبيه يَدْنُ إليك ويَلِنْ بعد اليبس ويُسقط عليك رطباً .
والمعنى: أدني إلى نفسك جِذع النخلة .فكان فاعل الفعل ومتعلقه متحداً ،وكلاهما ضميرُ معادٍ واحد ،ولا ضير في ذلك لصحة المعنى وورود أمثاله في الاستعمال نحو{ واضمم إليك جناحك}[ القصص: 32] .فالضامّ والمضموم إليه واحد .وإنما منَع النحاة أن يكون الفاعل والمفعول ضميري معاد واحد إلاّ في أفعال القلوب ،وفي فعلي: عَدِم وفَقَد ،لعدم سماع ذلك ،لا لفساد المعنى ،فلا يقاس على ذلك منع غيره .
والرطب: تمر لم يتم جفافه .
والجَنيّ: فعيل بمعنى مفعول ،أي مجتنى ،وهو كناية عن حَدثان سقوطه ،أي عن طراوته ولم يكن من الرطب المخبوء من قبل لأن الرطب متى كان أقرب عهداً بنخلته كان أطيب طعماً .
و{ تَسَّاقط} قرأه الجمهور بفتح التاء وتشديد السين أصله تتساقط بتاءين أدغمت التاء الثانية في السين ليتأتى التخفيف بالإدغام .
وقرأه حمزة بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين للتخفيف .و{ رُطَبَاً} على هاته القراءات تمييز لنسبة التساقط إلى النخلة .
وقرأه حفص بضم التاء وكسر السين على أنه مضارع سَاقَطَت النخلة تمرَها ،مبالغة في أسقطت و{ رُطَباً} مفعول به .
وقرأه يعقوب بياء تحتية مفتوحة وفتح القاف وتشديد السين فيكون الضمير المستتر عائداً إلى{ جِذْع النَّخْلةِ} .