وقال تعالى:{ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا 25} ( الواو ) عاطفة ، فبعد أن نهى المنادي عن الحزن أخذ يدعوها بعد الانصراف أن تأكل مستريحة مطمئنة ، وأن تشرب هنيئا مريئا وتلتفت إلى حاجة الجسم الذي نهكه المخاض وتحتاج إلى تعويضه .
والباء في قوله تعالى:{ وهزي إليك بجذع النخلة} يقول الزمخشري أنها صلة للتأكيد كقوله تعالى:{. . .ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . . . 195} ( البقرة ) . وأرى أن الباء للدلالة على تسهيل وصول الرطب إليها ، ذلك أنها تهز في مكان هو الجذع تتساقط عليها الرطب من عل ، وذلك بلا ريب تيسيرا للوصول ، فلا تهز من أعلى بل تهز بمكان قريب منها ، وهي النفساء والتي تتعبها الحركة الكثيرة .
وقوله{ إليك} للإشارة إلى قرب المكان الذي تهز منه بشدة إليها ، وقال الزمخشري:إن في قوله تعالى:{ تساقط عليك رطبا جنيا} تسع قراءات ، وكل يتعلق بحركات الفاء ، ولا فرق كبير بين معاني هذه القراءات ، ولذا لا حاجة إلى ذكرها ولتراجع في موضعها ، والرطب البلح الطيب السهل في تناوله ، والجني:القريب الجني ، أي أنه لم تمض عليه مدة تفسده ، وجاء في الكشاف وقالوا كان من العجوة ، وقيل:ما للنفساء خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل ، وقيل:إذا عسر ولادتها لم يكن لها خير من الرطب .
وقد قال أكثر المفسرين:إن جذع النخلة كان جافا ، وهي جافة ، ولم يكن فيها ثمر فأثمرت فكان ذلك خارقا للعادة ، ونقول:إن الآيات الكريمات الخاصة بالحمل بعيسى عليه السلام وولادته ثرية بالخوارق فلا نزيد عليها إلا ما يثبت بالنص ، ولا نفرض من غير نص .