جملة{ يومئذ لا تنفع الشفاعة} كجملة{ يومئذ يتبعون الداعي} في معنى التفريع على{ وخشعت الأصوات للرحمن} ،أي لا يتكلّم الناس بينهم إلاّ همساً ولا يجرؤون على الشفاعة لمن يهمهم نفعه .والمقصود من هذا أن جلال الله والخشية منه يصدان عن التوسط عنده لنفع أحد إلاّ بإذنه ،وفيه تأييس للمشركين من أن يجدوا شفعاء لهم عند الله .
واستثناء{ مَن أذِنَ لهُ الرحمن} من عموم الشفاعة باعتبار أنّ الشفاعة تقتضي شافعاً ،لأن المصدر فيه معنى الفعل فيقتضي فاعلاً ،أي إلا أن يشفع من أذن له الرحمان في أن يشفع ،فهو استثناء تام وليس بمفرغ .
واللاّم في{ أذِنَ لهُ} لام تعدية فِعل{ أَذِنَ} ،مثل قوله{ قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم}[ الأعراف: 123] .وتفسير هذا ما ورد في حديث الشفاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم «فيقال لي: سلْ تُعْطَه واشفَعْ تُشفّع» .
وقوله{ ورضِيَ له قولاً} عائد إلى{ مَن أذن له الرّحمان} وهو الشافع .واللاّم الداخلة على ذلك الضمير لام التّعليل ،أي رضي الرحمانُ قولَ الشّافع لأجل الشافع ،أي إكراماً له كقوله تعالى:{ ألم نشرح لك صدرك}[ الشرح: 1] فإن الله ما أذن للشافع بأن يشفع إلا وقد أراد قبول شفاعته ،فصار الإذن بالشّفاعة وقبولُها عنواناً على كرامة الشافع عند الله تعالى .
والمجرور متعلق بفعل{ رضي} .وانتصب{ قولاً} على المفعولية لفعل رضي لأن رضي هذا يتعدى إلى الشيء المرضي به بنفسه وبالباء .