ويدل لهذا مقابلة ضده في قوله{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى} ،إذ رتب على الإعراض عن هدي الله اختلال حَاله في الدنيا والآخرة ،فالمعيشة مراد بها مدة المعيشة ،أي مدّة الحياة .
والضنك: مصدر ضَنُك ،من باب كَرُم ضناكة وضنكاً ،ولكونه مصدراً لم يتغيّر لفظه باختلاف موصوفه ،فوصف به هنا{ معيشة وهي مؤنث .والضنك: الضيق ،يقال: مكان ضنك ،أي ضيق .ويستعمل مجازاً في عسر الأمور في الحياة ،قال عنترة:
إن يلحقوا أكرُر وإن يستلحموا *** أشدد وإن نَزلوا بضَنْك أنْزِلِ
أي بمنزل ضنك ،أي فيه عسر على نازله .وهو هنا بمعنى عسر الحال من اضطراب البال وتبلبله .والمعنى: أن مجامع همه ومطامح نظره تكون إلى التحيل في إيجاد الأسباب والوسائل لمطالبه ،فهو متهالك على الازدياد خائف على الانتقاص غير ملتفت إلى الكمالات ولا مأنوس بما يسعى إليه من الفضائل ،يجعله الله في تلك الحالة وهو لا يشعر ،وبعضهم يبدو للناس في حالة حسنة ورفاهية عيش ولكن نفسَه غير مطمئنة .