/م115
عن ذكري: عن الهداية بكتبي السماوية .
الضنك: الضيق الشديد .
أعمى: عن النظر في الحجج والبراهين الإلهية .
124-{ومن أعرض عن ذكري فإنه له معيشة ضنكا ...} .
من اتبع هدى الله ودينه وكتابه وشرعه ؛فلا يضل في الدنيا ،ولا يشقى في الآخرة ،ومن أعرض عن شرع الله ودينه وكتابه ،وآثر العاجلة ،فإن له معيشة ضنكا ،ضيقة مؤلمة ،وقد يوجد المال أو الجاه أو السلطان أو مظاهر الدنيا ،وهذا الإنسان الغني أو الوجيه في ضنك الداخل ؛ضنك بعده عن الله ،ضنك الخوف على المال أو الوجاهة ،ضنك الإحباط والحيرة والشقوة ؛حيث لم ينشرح صدره لوحي الله ودينه ،فصار قاسيا بعيدا عن الأنس بالله ،والرضا بالقضاء والقدر ،والسرور بمحبة الله ،قال تعالى:{أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربّه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين} .( الزمر: 22 ) .
{ونحشره يوم القيامة أعمى} .
قال بعض المفسرين: نحشره أعمى عمًى حسيا ،وهو عمى البصر ؛عقوبة حسية على إعراضهم عن أدلّة الحق ،وعن عدم النظر إليها ،واعترض آخرون عليهم بقوله تعالى:{أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ...} ( مريم: 38 ) .
وأجابوا: بأن هناك منازل ومواقف متعددة يوم القيامة .
فالكافر في أول أمره يحشر أعمى لا يرى شيئا إلا جهنم ،وهي المصير الذي ينتظره ،وبعد فترة يبصر ليرى سوء منزلته ،وألوان العذاب الذي ينتظره .
وقال بعض المفسرين:
العمى هنا عمى البصيرة لا عمى البصر ،فهو أعمى عن كل حجة يدافع بها عن نفسه ؛ذلك أن الله أعطاهم البصر والأذن والعقل في الدنيا ،فلما لم ينظروا إلى الحق ،ولم يسمعوا إلى القرآن سماع تأمل وإنصات ،ولم يتفكروا في هذا الدين ويتأملوا فيما اشتمل عليه ؛صاروا كأنهم محرومين من هذه النعم في الدنيا ،وكذلك في الآخرة .
قال تعالى:{ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهن أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} .( الأعراف: 179 ) .
قال ابن كثير في التفسير:
ويحتمل أن يكون المراد: أنه يبعث أو يحشر إلى النار أعمى البصر والبصيرة أيضا كما قال تعالى:{ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصمّا مأواهم جهنم كلّما خبت زدناهم سعيرا} .( الإسراء: 97 ) .ويؤيد ذلك الآية التي تليها .