/م115
123-{قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينّكم منّي هدى فمن اتبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى} .
ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالآية: اهبطا يا آدم وحواء ،من الجنة إلى الأرض ؛حال كون بعض ذريتهم عدو للبعض الآخر ؛بسبب التنافس في المعايش والتجارة والحياة الدنيا .
وقال ابن كثير:
قال الله تعالى لآدم وحواء وإبليس: اهبطوا منها جميعا ،أي من الجنة كلكم .
{بعضكم لبعض عدوّ} .
أي: آدم وذريته وإبليس وذريته ،وهذا الرأي أقرب إلى ما ذكر في القرآن كثيرا مثل قوله تعالى:{إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوا ...} ( فاطر: 6 ) .
فقد أعلن الله في الملإ الأعلى للإنس والجن: أن الشيطان عدو للإنسان ؛فليس لأحد أن يقول: إنما أخذت على غرة من حيث لا أدري ؛فقد درى وعلم بما أعلنه الله في الوجود كله .
{بعضهم لبعض عدو} .
ومع هذا الإعلان الذي دوّن به السماوات والأرضون ،وشهده الملائكة أجمعون ؛شاءت إرادة الله ،ورحمته بعباده ،أن يرسل إليهم الرسل ،وأن ينزل إليهم الكتب ؛دعوة إلى الهداية وإرشادا إلى الاستقامة .
{فإما يأتينّكن منّي هدى} .
فإن جاءكم من جهتي الكتب والرسل لهدايتهم .
{فمن اتبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى} .
من اتبع الهدى وآمن بالله ،وعمل بكتابه وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم ؛فلا يضل في الدنيا ،ولا يخرج عن الهدى إلى الضلالة ،ولا يشقى في الآخرة .
جاء في تفسير القرطبي:
قال ابن عباس: ضمن الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ؛ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ،وتلا هذه الآية .
أخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا ،أو يشقى في الآخرة ؛ثم قرأ الآية{ ...فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} .
وروي عن ابن عباس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ( من اتبع كتاب الله ؛هداه الله تعالى من الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة ) .