هذه الجمل معترضة بين حكاية قصة السحرة وبين ذكر قصّة خروج بني إسرائيل ،ساقها الله موعظة وتأييداً لمقالة المؤمنين من قوم فرعون .وقيل: هي من كلام أولئك المؤمنين .ويبعده أنه لم يحك نظيره عنهم في نظائر هذه القصّة .
والمجرم: فاعل الجريمة ،وهي المعصية والفعل الخبيث .والمجرم في اصطلاح القرآن هو الكافر ،كقوله تعالى:{ إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون}[ المطففين: 29] .
واللام في{ لَهُ جَهَنَّمَ} لامُ الاستحقاق ،أي هو صائر إليها لا محالة ،ويكون عذابه متجدّداً فيها ؛فلا هو ميت لأنّه يُحِس بالعذاب ولا هو حيّ لأنه في حَالةٍ الموتُ أهون منها ،فالحياة المنفية حياة خاصة وهي الحياة الخالصة من العذاب والآلام .وبذلك لم يتناقض نفيها مع نفي الموت ،وهو كقول عبّاس بن مرداس:
وقد كنتُ في الحرب ذَا تُدْرَإٍ *** فلم أُعْطَ شيئاً ولم أُمنع
وليس هذا من قبيل قوله{ إنها بقرة لا فارض ولا بكر}[ البقرة: 68] ولا قوله{ زيتونة لا شرقية ولا غربية}[ النور: 35] .
وأما خلود غير الكافرين في النّار من أهل الكبائر فإن قوله{ لا يَمُوتُ فِيهَا ولا يحيى} جعلها غير مشمولة لهذه الآية .ولها أدلّة أخرى اقتضت خلود الكافر وعدم خلود المؤمن العاصي .ونازَعَنَا فيها المعتزلة والخوارج .وليس هذا موضع ذكرها وقد ذكرناها في مواضعها من هذا التفسير .