الظاهر من السياق أن هذا من تمام ما وعظ به السحرة لفرعون ، يحذرونه من نقمة الله وعذابه الدائم السرمدي ، ويرغبونه في ثوابه الأبدي المخلد ، فقالوا:( إنه من يأت ربه مجرما ) أي:يلقى الله يوم القيامة وهو مجرم ( فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ) كقوله:( لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ) [ فاطر:36] ، وقال:( ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) [ الأعلى:11 - 13] ، وقال تعالى:( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ) [ الزخرف:77] .
وقال الإمام أحمد بن حنبل:حدثنا إسماعيل ، أخبرنا سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما أهل النار الذين هم أهلها ، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن [ الناس] تصيبهم النار بذنوبهم ، فتميتهم إماتة ، حتى إذا صاروا فحما ، أذن في الشفاعة ، جيء بهم ضبائر ضبائر ، فبثوا على أنهار الجنة ، فيقال:يا أهل الجنة ، أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل "فقال رجل من القوم:كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية .
وهكذا أخرجه مسلم في كتابه الصحيح من رواية شعبة وبشر بن المفضل ، كلاهما عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد به .
وقال ابن أبي حاتم:ذكر عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال:حدثنا أبي حدثنا حيان ، سمعت سليمان التيمي ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية:( إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أما أهلها الذين هم أهلها ، فلا يموتون فيها ولا يحيون ، وأما الذين ليسوا من أهلها ، فإن النار تمسهم ، ثم يقوم الشفعاء فيشفعون ، فتجعل الضبائر ، فيؤتى بهم نهرا يقال له:الحياة - أو:الحيوان - فينبتون كما ينبت القثاء في حميل السيل ".