والمهد شِبْه الصندوق من خشب لا غطاء له يُمهد فيه مَضجع للصبي مدة رضاعه يُوضع فيه لحفظه من السقوط .
وخُص تكليمُه بحالين: حالِ كونه في المَهد ،وحالِ كونه كهلاً ،مع أنه يتكلّم فيما بين ذلك لأنّ لذَينك الحالين مزيدَ اختصاص بتشريف اللَّه إياه فأما تكليمه الناس في المهد فلأنه خارق عادة إرهاصاً لنبوءته .وأما تكليمهم كهلاً فمراد به دَعوتُه الناس إلى الشريعة .فالتكليم مستعمل في صريحه وفي كنايته باعتبار القرينة المعينة للمعنيين وهي ما تعلق بالفعل من المجرورين .
وعطف عليه{ ومن الصالحين} فالمجرور ظرف مستقرّ في موضع الحال .
والصالحون الذين صفتهم الصلاح لا تفارقهم ،والصلاح استقامة الأعمال وطهارة النفس قال إبراهيم:{ ربِّ هبْ لي من الصالحين}[ الصافات: 100] .
والكهل من دخل في عشرة الأربعين وهو الذي فارق عصر الشباب ،والمرأة شهلة بالشين ،ولا يقال كهلة كما لا يقال شهل للرجل إلاّ أن العرب قديماً سمّوا شهلاً مثل شهل بن شيبان الملقب الفِنْد الزِّماني فدلنا ذلك على أنّ الوصف أميت .وقد كان عيسى عليه السلام حيث بعث ابن نيف وثلاثين .
وقوله:{ وجيهاً} حال من{ كلمة} باعتبار ما صِدْقها .{ ومن المقرّبين} عطف على الحال ،{ ويكلم} جملة معطوفة على الحال المفردة: لأنّ الجملة التي لها محل من الإعراب لها حكم المفرد .
وقوله:{ في المهد} حال من ضمير ( يكلّم ) .وكهلاً عطف على محلّ الجار والمجرور ،لأنهما في موضع الحال ،فعطف عليهما بالنصب ،{ ومن الصالحين} معطوف على{ ومن المقرّبين} .