والاستجابة: مبالغة في الإجابة ،وخُصت الاستجابة في الاستعمال بامتثال الدعوةِ أو الأمر .وظاهر النظم أن فاعل{ يستجيب} ضمير يعود إلى ما عاد إليه ضمير{ وهو الذي يقبل التوبة} وأن{ الذين آمنوا} مفعول{ يستجيب} وأن الجملة معطوفة على جملة{ يقبل التوبة} .
والغالب في الاستعمال أن يقال: استجاب له ،كقوله:{ ادعوني أستجب لكم}[ غافر: 60] وقد يحذفون اللام فيعدُّونه بنفسه ،كقول كعب بن سعد:
ودَاعٍ دَعا يَا من يجيب إلى الندا *** فلم يستجبه عند ذَاك مجيب
والمعنى: أن الله يستجيب لهم ما يرجونه منه من ثواب ،وما يدْعُونه .
ويجوز أن يكون{ الذين آمنوا} فعل{ يستجيب} أي يستجيبون لله فيطيعونه وتكون جملة{ ويستجيب} عطفاً على مجموع جملة{ وهو الذي يقبل التوبة} ،أي ذلك شأنه وهذا شأن عباده المؤمنين .
ومعنى{ ويزيدهم من فضله} على الوجهين أنه يعطيهم ما أمَّلوا من دعائهم وعملهم وأعظم مما أملوا حين استجابوا له ولرسوله ،وأنه يعطيهم من الثواب أكثر مما عملوا من الصالحات إذ جعل لهم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف كما في الحديث ،وأنه يعطيهم من خير الدنيا ما لم يسألوه إياه كل ذلك لأنه لطيف بهم ومدبر لمصالحهم .
ولما كانت الاستجابة والزيادة كرامةً للمؤمنين ،أظهر اسم{ الذين آمنوا} وجيء به مَوْصُولاً للدلالة على أن الإيمان هو وجه الاستجابة لهم والزيادة لهم .
وجملة{ والكافرون لهم عذاب شديد} اعتراض عائد إلى ما سبق من قوله:{ ترى الظالمين مُشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم}[ الشورى: 22] توكيداً للوعيد وتحذيراً من الدوام على الكفر بعد فتح باب التوبة لهم .